سبحانه : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ ) ( المائدة : ٣ ).
لأنّ الاختناق يجعل لحم الحيوان المخنوق أسرع إلى التعفّن والفساد.
ومثل المنخنقة ، الموقوذة ، وهي التي تضرب حتّى تشرف على الموت فتترك حتّى تموت ، والمتردّية وهي التي سقطت من مكان مرتفع فماتت من أثر صدمة الوقوع ، والنطيحة وهي التي ماتت من أثر عراكها مع مثيلاتها من الحيوانات.
وبالجملة فهذه الحالات تجعل بدن الحيوان مرتعاً خصباً لنموّ الجراثيم والميكروبات ، ومعرضاً لسرعة التعفّن والفساد.
ولم يقتصر تحريم الإسلام على هذه الاُمور بل حرّم مطلق الخبائث ، إذ قال الله سبحانه : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ) ( الأعراف : ١٥٧ ).
هذا مضافاً إلى أنّه حرّم تناول الخمور ( بل كلّ مسكر (١) كما في الحديث ) بقوله : ( ... إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( المائدة : ٩٠ ).
__________________
(١) قال الصادقّ عليهالسلام : « حرّم الله عزّ وجلّ الخمر بعينها وحرّم رسُولُ الله المُسكر من كُلّ شراب فأجاز الله لهُ ذلك كُلّهُ » الكافي ١ : ٢٦٦ ، لقد أسلفنا الكلام في الجزء الأوّل : ٥٥٣ في ماهيّة هذا النوع من التحريم وقلنا : إنّ تحريم رسول الله لشيء يمكن أن يكون بأحد معنيين :
الأوّل : أن يكون طلباً ودعاء من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإجابة من الله سبحانه كما يشير بذلك الحديث « فأجاز الله لهُ ذلك ».
الثاني : أن يكون علماً من رسول الله بمناطات الأحكام وملاكاتها الواقعيّة ، فعند ذلك يصحّ للرسول أن يحرم المسكر من كلّ شراب لعلمه بمناط الحكم في الخمر.كيف ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أفضل مصاديق من قال فيهم أمير المؤمنينّ عليهالسلام : « عقلُوا الدّين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية » نهج البلاغة ( طبعة عبده ) الخطبة ٢٣٤.