وأعطُونا عهد الله ، وإنّا لا نغدُر بهم » (١).
وهذا هو نموذج أو نماذج معدودة في هذا المجال وكتب التاريخ والسير والفقه والحديث طافحة بأمثالها.
تعتبر مسألة ( الأسرى ) من أهمّ القضايا في النظام السياسيّ الخارجيّ للدول وتعتبر حقوقهم من أبرز ما لفت نظر الحقوقيّين ، واهتمامهم في عالمنا المعاصر حتّى أنّه اتفقت الدول على ميثاق ينصّ على هذه الحقوق هو ( ميثاق جنيف ).
وللأسرى في النظام الإسلاميّ مكانة خاصّة ، وقوانين تضمن حقوقهم ، وكرامتهم ، وتكفل احترامهم وسلامتهم.
إنّ الأسارى على نوعين :
نوع ؛ يؤخذون قبل انقضاء القتال والحرب قائمة ما لم يسلموا ، والإمام مخيّر بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم حتّى ينزفوا.
ونوع آخر ؛ وهو ما إذا اُخذوا بعد انقضائها فحينئذ لم يقتلوا وكان الإمام مخيّراً بين المنّ والفداء ، والاسترقاق ، ولا يسقط هذا الحكم لو أسلموا (٢) وهذا هو المشهور بين الفقهاء.
ويستفاد ذلك من كتاب الله العزيز قال سبحانه : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( الأنفال : ٦٧ ).
فالآية صريحة في وجوب قتل الأسارى لغاية الاثخان في الأرض والتمكّن فيها
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ : ٣١٨ ، والكامل للجزريّ ٢ : ١٣٨ ، وأعلام الورى للطبرسيّ : ٩٧.
(٢) نعم نقل أمين الإسلام في مجمع البيان ٥ : ٩٧ ، قولا آخر يلاحظه من أراد الوقوف عليه وهو لا يوافق القول المشهور بين فقهاء الشيعة فهو يخالف المشهور في كلا القسمين فلاحظ.