العمل التجسّسي في حياة وبقاء الشعوب والحكومات.
لقد استخدم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ تشكيله للدولة الإسلاميّة نظام التجسّس على تحرّكات العدو العسكريّة حتّى أنّ كثيراً من نجاحاته وانتصاراته العسكريّة والسياسيّة ترجع إلى اهتمامه البالغ بالمعلومات التي كانت ترد إليه من الأعداء عن طريق ( عيونه ) وجواسيسه الذين كان يبثّهم في كلّ مكان ، فيرفعون إليه ما يشاهدونه من تحرّكات العدوّ ، ويخبرونه بأخبارهم وأقوالهم وأفعالهم ، فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يباغتهم وهم في عقر دارهم ويفاجئهم وهم نيّام راقدون ، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالمُغِيرَاتِ صُبْحًا ) ( العاديات : ١ ـ ٢ ).
فقد وجّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إلى منطقة وقال له : « اكمن النّهار ، وسر اللّيل ولا تُفارقك العينُ ( أي الجاسوس ) ».
فانتهى عليهالسلام إلى ما أمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسار إليهم ، فلمّا كان عند وجه الصبح أغار عليهم ، فأنزل الله سبحانه على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ) (١).
وإليك فيما يأتي نماذج من هذا الأمر :
١. في حرب بدر خرج النبيّ مع أحد أصحابه حتّى وقف على شيخ من العرب ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم يحاول التعرّف على أخبار قريش فسأله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قريش وعن محمّد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال الشيخ : انّه بلغني أنّ محمّداً وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان صدق الذي أخبرني ، فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبلغني أنّ قريشاً خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به قريش.
٢. بعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام مع بعض الأصحاب إلى ماء بدر يلتمسون
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٦٥٢.