إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في كتاب الجهاد.
وقد كانت النهيبة والنهبى عند العرب تساوق الغنيمة والمغنم ـ في مصطلح يومنا هذا ـ الذي يستعمل في أخذ مال العدو.
فإذا لم يكن النهب مسموحاً به في الدين ، وإذا لم تكن الحروب التي يقوم بها أحد بغير اذن النبيّ جائزة لم تكن الغنيمة تعني دائماً ما يؤخذ في القتال بل كان معنى الغنيمة الواردة في كتب النبيّ هو ما يفوز به الناس من غير طريق القتال بل من طريق الكسب وما شابهه. ولا محيص حينئذ من أن يقال : إنّ المراد بالخمس الذي كان يطلبه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو خمس أرباح الكسب والفوائد الحاصلة للإنسان من غير طريق القتال ، أو النهب الممنوع في الدين.
وعلى الجملة : إنّ الغنائم المطلوب في هذه الرسائل النبويّة اداء خمسها إمّا أن يراد ما يستولي عليه أحد من طريق النهب والإغارة ، أو ما يستولي عليه من طريق محاربة بصورة الجهاد أو ما يستولي عليه من طريق الكسب والكدّ.
والأوّل ممنوع بنصّ الأحاديث السابقة فلا معنى أن يطلب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خمس النهيبة.
وفي الثاني يكون أمر الغنائم بيد النبيّ مباشرة فهو الذي يأخذ كلّ الغنائم ويضرب لكلّ من الفارس والراجل ما له من الأسهم بعد أن يستخرج الخمس بنفسه من تلك الغنائم ، فلا معنى لأن يطلب النبيّ الخمس من الغزاة. فيكون الثالث هو المتعيّن.
وقد ورد فرض الخمس في غير غنائم الحرب في أحاديث منقولة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ففي سنن البيهقي عن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ قال : « في الرّكاز الخُمسُ ».
قيل : وما الركاز يا رسول الله ؟
فقال : « الذهبُ والفضّةُ الذي خلقهُ الله في الأرض يوم خُلقت » (١).
__________________
(١) سنن البيهقيّ ٤ : ١٥٢ و ١٥٥.