مفاهيم القرآن [ ج ٢ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في مفاهيم القرآن

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

بالتربية الإلهية ، وحظي بمؤهلات الحكم والملك ، ولذلك اختاره الله سبحانه ، وإلى هذه المؤهلات أشار القرآن الكريم بقوله : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالجِسْمِ ).

فلا يمكن الاستدلال بهذه الموارد التي اقترنت فيها الملوكيّة بالنبوّة ، والصفات الإنسانيّة العليا الموهوبة من الله سبحانه لهم ، على حسن الملوكيّة وقدرتها على إقامة العدل بين الاُمّة.

وهذا أشبه شيء بالاستدلال بموارد نادرة على طبيعة الحكم الكلّي.

أضف الى ذلك ، أنّ من المحتمل جداً أن يكون المراد من الملوكيّة هو مطلق الحاكميّة على الناس ، وامتلاك هؤلاء الأنبياء إدارة اُمور الناس ، الذي اعطي لهم من جانب الله سبحانه وتعالى.

غير أنّ التعبير عن هذه الحاكميّة والامتلاك بلفظ الملوكيّة ، إنّما هو لأجل المحافظة على الاصطلاح الرائج بين الناس في موضوع الحاكميّة ، حيث إنّه لم يكن يوجد بينهم أي لون من الحاكميّة إلاّ الملوكيّة ، فاستعار سبحانه هذه اللفظة للتعبير عن حاكميتهم المعطاة لهم ، مع الفارق الكبير والبون الشاسع بين الحاكميتين والامتلاكين.

وبالتالي ، فانّ هذه الملوكية التي وصف الله بها ثلّةً من الأنبياء ، تختلف جداً عن الملكية التي هي محطُّ بحثنا هنا ، فإنّ الملكيّة التي في هذه الآيات ، هي ممّا جعلها الله سبحانه لرجل صالح من الأنبياء ، وليست ممّا حصّلت بالقهر ، والتغلُّب بالقوّة على رقاب الناس ، ممّا تتصف بها جميع ملوكيات الأرض.

وباختصار : إنّ الملوكية التي كانت للأنبياء ، تفترق عن الملوكيات الدارجة المتعارفة ـ التي يذمُّها الله سبحانه في ما مضى من الآيات في مطلع هذا البحث ـ في أمرين :

الأوّل : اقتران العصمة والصفات الكريمة العليا مع صفة الملوكية في الأنبياء دون غيرهم من ملوك الأرض.