ويتبجّح به العالم الغربيّ ويفتخر به ويدّعي أنه السبيل الوحيد لضمان الحريات التي يتطلبها الإنسان ، طيلة حياته ، ويشتريها بأغلى ثمن ولكنّه ادعاء خال عن الحقيقة ، مجرد عن الواقع.
فإنّ الديمقراطيّة الدارجة في الغرب ديمقراطيّة ظاهريّة ، وحريّة صوريّة غير حقيقّية ، فالناخبون هناك ينتخبون نوّابهم وحكاّمهم مجبورين ومضطّرين في الواقع وإن كانوا مختارين في الظاهر.
فهم ينتخبون تحت تأثير الوسائل الإعلاميّة الفعّالة ، والمؤثرات الخفيّة والجليّة التي تدفع بالناخب الغربيّ إلى أن ينتخب ـ بصورة لا إرادية ـ ما تروّج له أجهزة الإعلام ، أو تسوّله دعايات اصحاب الشركات والمعامل الكبرى ، أو تدعو له الراقصات والمغنّيات والمغنون.
إنّ المرء يتصوّر ـ في بادئ الأمر ـ ، أنّ الغرب يمارس ديمقراطيّةً حقيقيّةً ، غير أنّ من يطالع الأوضاع وخلفياتها الخفيّة ، يرى صورةً عن الديمقراطيّة لا روح فيها ، وشكلاً من حرية الانتخاب لا واقع لها ، فالإنسان في تلك الديار مسيّر بفعل العوامل الدعائية التي تملكها شرذمة من أصحاب الثروة والنفوذ والمصالح ، فالإنسان الغربي يمارس ديمقراطيّةً كاذبةً ، لأنّه لا يختار إلاّ ـ تحت التأثير الإعلاميّ ـ من تريده تلك الشرذمة من أصحاب المصالح والنفوذ لا ما يريده هو في قرارة وجدانه ، أو يحكم به عقله ، وتقتضيه مصالحه.
وهل يستطيع أحد أن ينكر تأثير الأجهزة الإعلاميّة والدعائية في بذر فكرة خاصّة وإلقائها في أذهان الناس ، وتوجيههم الوجهة التي تريد ، ودفعهم إلى اختيار من تشاء ؟.
أم هل يمكن إنكار الدور المؤثر لوسائل الطّرب ، وللفنّ ، والحفلات الغنائيّة والموسيقيّة ؟ فكيف لا يؤثر في الأذهان ، جعل صورة المرشّح للرئاسة أو للنيابة على صدور الفتيات الشبه عاريات والراقصات أمام الجماهير ، أو ترديد اسم المرشّح في أناشيد