التنصيص الإلهيّ على الحاكم الأعلى
باسمه وشخصه
إن الحاكميّة كما أسلفنا (١) ، حقّ مختصّ بالله سبحانه ، ولا حاكمية لسواه إلاّ بإذنه ، وله الحقّ وحده في تعيين من يقود البشرية ، ويسوس اُمورهم ويحكمهم ..
وهذا هو ما يؤكّده القرآن الكريم في كثير من آياته صراحة وتلويحاً ، إذ يقول :
( إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) ( الأنعام : ٥٧ ).
( أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ) ( الانعام ٦٢ ).
( إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) ( يوسف : ٤٠ ).
يقول العلاّمة الطباطبائيّ : ( إنّ نظرية التوحيد التي يبني عليها القرآن الشريف بنيان معارفه ، لمّا كانت تثبت حقيقة ( التأثير في الوجود ) لله سبحانه وحده لا شريك له ، وإن كان الإنتساب مختلفاً باختلاف الأشياء ، غير جار على وتيرة واحدة ، كما ترى أنّه تعالى ينسب الخلق إلى نفسه ، ثمّ ينسبه في موارد مختلفة إلى أشياء مختلفة بنسب مختلفة ، وكذلك العلم والقدرة والحياة والمشيئة والرزق والحسن ، إلى غير ذلك. وبالجملة ، لمّا كان التأثير له تعالى ، كان (٢) الحكم الذي هو نوع من التأثير والجعل له تعالى ، سواءً في
__________________
(١) راجع الجزء الأول من كتابنا : ٥٧٨.
(٢) جواب لمّا الشرطيّة.