على حاكميّته وولايته المفوّضة إليه من جانب الله بتنصيصه سبحانه على ذلك.
كيف لا وقد صرح القرآن بولاية النبيّ ، وحكومته على الأنفس فضلاً عن الأموال بقوله سبحانه : ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) ( الأحزاب : ٦ ).
فهذه الآية ، تدلّ ـ بوضوح ـ على أنّه تعالى نصب النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حاكماً ، وأولاه سلطةً على نفوس المؤمنين وأموالهم ، سلطةً شرعيةً في إطار الحقّ والعدل والصلاح.
خاصّةً أنّه ورد عن الإمام الباقر عليهالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : « إنّها نزلت في الإمرة يعني الإمارة » (١).
هذا والأدلة على أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان حاكماً منصوباً من جانبه سبحانه ، أكثر ممّا ذكرناه من الآيات ، وبما أنّه لم يختلف فيه أحد من المسلمين نكتفي بما أوردناه.
إنّما البحث في صيغة الحكومة بعد النبيّ الأكرم ، فهل هي كانت على غرار حكومة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّ الله سبحانه نصب أشخاصاً معيّنين للحكومة بلسان نبيّه ، أو أنّ الحكومة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم على غرار الطريق الثاني ، أعني التنصيص على الصفات والشروط الكلية اللازمة للحاكم ، وحثّ الاُمّة على تعيين الحاكم من عند أنفسهم حسب تلك الصفات والشروط وعلى ضوء تلكم المواصفات.
فهناك قولان ، ذهبت إلى كلّ واحد طائفة من المسلمين.
إنّ تحليل صيغة الحكومة بعد النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسائل الهامّة التي فرقت المسلمين إلى طائفتين كبيرتين ، تمثّل كلّ واحدة منهما شطراً كبيراً من الاُمّة الإسلاميّة.
ورفع النقاب عن وجه الحقيقة في هذا المجال ، يحتاج إلى تجرد عن الأهواء والميول
__________________
(١) مجمع البحرين : ٤٥٧ ، الطبعة الجديدة.