بل هم على أقسام تحدّث عنها القرآن الكريم ، ويقف عليها من استشفّ الحقيقة عن كثب ، كما لم تبلغ الاُمّة إلى حد الإكتفاء الذاتي في القيادة ، كما هو محط البحث.
من الواضح لكل مطلع على أوضاع الاُمّة الإسلاميّة قبيل وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الدولة الإسلاميّة الحديثة التأسيس كانت محاصرة من جهتي الشمال والغرب بأكبر إمبراطوريّتين عرفهما تأريخ تلك الفترة ، إمبراطوريّتان كانتا على جانب كبير من القوة والبأس والقدرة العسكرية المتفوّقة مما لم يتوصّل المسلمون إلى أقل درجة منها ... وتلك الامبراطوريّتان هما : الروم ، وإيران.
هذا من الخارج.
وأمّا من الداخل ، فقد كان الإسلام والمسلمون يعانون من جماعة المنافقين الذين كانوا يشكّلون العدوّ الداخلي المبطّن ( أو ما يسمى بالطابور الخامس ).
ولأجل أن نعرف مدى الخطر المتوجّه من هذه الجهات الثلاث على الاُمّة والدولة الإسلاميّة يجدر بنا أن ندرس كلّ واحدة منها بالتفصيل :
لقد كانت إيران إمبراطوريّةً ضخمةً ، ذات حضارة متقدمة زاهرة ، وذات سلطان عريض فرضته على عدد كبير من المستعمرات أحقاباً مديدةً من السنين ، ممّا أكسبت ملوكها وزعماءها روح التسلّط والسيطرة ، وأصبح من العسير أن يعترفوا بسيادة امّة طالما كانت تعيش تحت سلطانهم في العراق واليمن ، وهم الذين لم يعترفوا بالسيادة لأحد قروناً طويلةً ، فلأجل هذه الغطرسة والأنانية شمخ الامبراطور الفارسيّ (خسرو برويز ) بأنفه عندما أتته دعوة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فمزّق رسالته المباركة التي كتبها صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوه فيها إلى الإسلام وعبادة الله تعالى ... وكتب إلى عامله باليمن :