غزو المرسى الكبير ووهران
ثم جهز جيشا لوهران وغزاها فملك برج مرساها في أول ربيع الثاني سنة إحدى عشر من العاشر (١) قاله الحافظ أبو محمد عبد الله قاضي نهر بني راشد. ولما ملكوها استقروا بها إلى أن تقدموا لوهران فدخلوها في آخر المحرم سنة أربع عشر من العاشر (٢) وهو العام الذي مات فيه صاحب المعيار ، قاله التغريري ، والشيخ أحمد بابا ، والمديوني ، واليفريني ، وقال الحافظان : الصباغ ، وأبو راس ، وغيرهما كان ذلك في صفر سنة خمسة عشر من العاشر ، بمداخلة يهودي غدار للمسلمين وذلك أن اليهود الذين بوهران تحت ذمة المسلمين أتى واحد منهم يقال له زاوي بن كبيسة المعروف بابن زهو بجيش النصارى للمدينة غفلة وأدخلهم لها سرا بالحيلة فقام الجيش لباب المدينة الموالي للمرسى ففتحه ليلا وأخذ العساسين وهما : عيسى بن غريب العريبي ، والغناس بن طاهر العبدلّاوي ، وصار الجيش يدخل ويخرج ونكبوا المسلمين قتلا وسبيا وكان ذلك وقت أبي قلموس الزياني. / وقد عجز عن دفاعهم عجزا كليا وإلى ذلك أشار الحافظ (ص ١٥٠) أبو راس في سينيته بقوله :
خامس عشر من عاشر أناخ بها |
|
الإسبانيون أهل الشرك والرجس |
جحافل الكفر قد حموا جوانبها |
|
وعن دفاعهم عجز أبو قلمس |
ولما مكنوهم من المدينة شرطوا عليهم برج المرسى فأنزلوهم به وفاء بالعهد وإليهم ينسب برج اليهودي الذي بهيدور وجعلوا لهم الصولة العظيمة التي لا توصف على المسلمين فكانوا يخرجون لبني عامر لقبض الضريبة كالملوك ثم تخيّل منهم النصارى بعد ثمانين سنة ما يكرهونه فأخبروا سلطانهم بذلك فأمرهم بطردهم مخافة أن يفعلوا بهم ما فعلوا بالمسلمين من الخديعة.
__________________
(١) الموافق ٢ أوت ١٥٠٥ م.
(٢) الموافق ٣١ ماي ١٥٠٨ وهو خطأ ، لأن الإسبان احتلوا وهران في ماي ١٥٠٩ م.