فدخلها الطاغية في فله في أرذل حالة وكتب له الممدود وهو بضواحي وهران وأرباضها كتابا يقول له فيه أخبرني أيها الطاغية لمن علو الكلمة الآن هل للعرب / أو للنصارى كلا لئن لم تنته عن فعلك الذميم ومحاربتك للمسلمين والغارات (ص ١٦٧) عليهم لأرجمنك شديدا.
ثم كارلوص الثاني وهو شارل الثاني تولى سنة اثنين وثمانين وألف (١) وبقي في الملك خمسا وثلاثين سنة فبقيت وهران تحت حكمه وفي أيامه تولى الغطريف الهمام ، والأسد الهصور الضرغام ، معزّ الدين وأهل الإيمان الزناقي السيد الباي شعبان ، أحد الأتراك الأنجاد ، وأعيانهم الأمجاد ، أيالة مازونة وغيرها من شرقي المغرب الوسط ، في حدود التسعين وألف (٢) بلا شطط.
معركة كدية الأخيار واستشهاد الداي شعبان
فغزى رحمهالله وهران وطالت به معهم الحروب واتصلت عليهم بدولته أعظم الكروب ، ومنعهم من الخروج ، وضيّق عليهم إلى أن صاروا في أحوج المحوج ، ولازموا بيوتهم والحصون ، وصاروا لا يفارقون الجواسيس والعيون ، إلى اليوم الذي استشهد فيه حصل لهم فرج وتنوية وتنزيه. ومن خبره أنه زحف لهم في نحو أربعة آلاف فيهم نحو الثلاثة آلاف فارس وزحف النصارى مع مردة العرب وشياطينهم من بني عامر وقيزة وغمرة وكريشتل وغيرهم في أزيد من ثلاثة آلاف فيهم ألف خيل والباقي راجلة. وفي غريب الأخبار للحافظ أبي راس أن النصارى زحفوا إليه في زهاء أربعة آلاف أكثرهم راحلة وهو في أكثر من ألف كلهم خيل. قال الحافظ في عجائب الأسفار فكان المصاف في كدية الخيار وصبر الفريقان ثم انقضت جموع النصارى واختل مصافهم وقد ربط بعضهم نفسه بالأحبال وربط الآخر نفسه بالأكبال فكانوا غنيمة للمسلمين. وفيئا للموحدين ، فقتل في تلك الهزيمة أكثر من إحدى عشر مائة ودامت عليهم الهزيمة إلى أن حلّ المسلمون بقبّة برج العين فاقتتلوا به قتالا شديدا وهزمهم
__________________
(١) الموافق ١٦٧١ ـ ١٦٧٢ م.
(٢) الموافق ١٦٧٩ م.