ولما مات الباي شعبان فرح النصارى واشتدت شوكتهم على الإسلام. ورجعوا يغزونهم في البيوت والخيام ، فغزوا وليّ الله الأكبر ، وقطبه الأشهر سيدي بلاحة المهاجيء وأسروه هو وبناته الثلاثة ، وخمسين رجلا من زاويته ورجعوا لوهران وبقي بها مع بناته سنة كاملة / ثم فدى وفدى إحدى بناته أبو عزة بن حميدة (ص ١٦٩) شيخ أولاد سليمان وفدى الأخرى الشحط والد دموش شيخ أولاد علي فزوجها له أبوها لما رامت تزويجه ولم ينتج منها شيء لدعائه عليها وبقيت الثالثة بلا فداء فكثر بكاء أمها وأقلقته فخرج يوما لساحة بيته وتوضّى (كذا) ودعا الله وإذا بها مقبلة فقال لها اخرجي لابنتك فسئلت فقالت إني أمشط رأسي وإذا بطائر أبيض نقرني وصدّ أمامي فتبعته إلى وطني قاله الحافظ أبو راس في الخبر المعرب.
ويقال أن سيدي بلاحة قال لمعلم ولده الزين قبل الواقعة بيوم إذا كان في صبيحة غد خذ الزين وأمه وأصعد بهما رأس الجبل واجلس هناك للغروب ودعني وبناتي الثلاثة ليقضي الله أمرا كان مفعولا ففعل المعلم ما أمره به الشيخ فنجّاهم الله من العدو وعدّ ذلك من كراماته كإتيانه ببينة من الأسر. وولده سيدي الزين هو الذي تنسّل منه جميع أولاد سيدي بلاحة حيث كانوا.
حملة السلطان إسماعيل على وهران
ولما سمع الشريف سلطان المغرب مولاي إسماعيل بن علي العلاوي بقتل العرب المتنصرة للباي شعبان استغاظ غيظا شديدا وجمع جيشا عظيما لا يكاد يسمع بمثله من أقاصي سوس إلى بني يزناسن وجاء حاركا به على وهران سنة اثنا عشر من الثاني عشر (١) وقيل في أربعة منه وقيل في أوله فنزل بجبل هيدور ونظر إليها وحطّ كلكله عليها. ووجد حولها القبيل المديم لقتالها ، نجع مخيس أخوة سويد فاستعان بهم أيضا على نزالها ، فقاتلها مدة وأطال ذلك وبان شرره ولم يجد لها محلا يلحقها منه ضرره. لمنعها ببرج مرجاجو ، والنصارى بها هاجوا وماجوا ، فعندها صعد على المائدة ونظرها نظر ليث العريسة ، إذا دفع على الفريسة وعاين أحكامها ومنعها. وإتقانها وصنعها ، فقال هذه أفعى تحت
__________________
(١) الموافق ١٧٠٠ ـ ١٧٠١ م.