عظيم ودام إلى نصف إحدى وتسعين فزال بإذن الله تعالى. وإلى هذا القحط أشار ولي الله سيدي الأكحل الخلوفي المعروف عند الناس بسيدي الأخضر ابن خلوف في عروبيته الملحونية التي صيّرها تاريخا بطريق الكشف بقوله : ونصف عام من بعد تذهب الكشرا.
وكانءاغته الهمام الفاضل الجواد الباسل ، المتجنب لسائر رذائل الدعاوي ، السيد إسماعيل بن البشير البحثاوي. وهؤلاء البايات التسع كلهم كانت لهم دار ملكهم المعسكر ، وكلهم كان لهم اعتناء شديد بالجهاد ولم يفز منهم بالفتح الأول إلّا أبو الشلاغم المسراتي.
الباي محمد بن عثمان الكبير
ثم أبو عثمان الفقيه المجاهد السيد محمد بن عثمان ، باي الإيالة الغربية وتلمسان ، الذي قيضه الله / لفتح وهران ، وأرشده إلى مهيع السعادة والغفران ، (ص ٢٢٩) الممتطي منصة الرضوان ، ومشيد راية الإسلام والإيمان والإحسان ، وباسط مهد العدل والأمان في كلّ زمان ، اتحفه الله برضاه ، وجدد له اللطف وأمضاه ، تولى سنة اثنين وتسعين ومائة وألف (١) ، على الصحيح ، فكان رحمهالله من أهل البلاغة واللسان الفصيح ، بعد أن كان خليفة على خليل رقي لمنصب الباي بالعز والتفضيل ، فهو ثاني ملوك العثمانية ، خلافا لما في أنيس الغريب والمسافر من أنه هو أولهم وهي قولة واهية ، وبه رفع ذكرهم ، وانتهى إليه خيرهم ، فلقد دوّخ الأتراك والأعراب ، وهابته الأباعد والأقارب وذلت له الملوك والجبابرة ، وخشيته الفراعنة والأكاسرة ، وأطاعته الرعايا ، وخصت به المزايا ، ووفدت عليه الوفود ودارت به العساكر والجنود فحاصر مدينة وهران ، وضيّق عليها من كل فج نزهة الزمان ، ودام عليها إلى أن فتحها في أوائل المحرم الحرام (٢) بلا وصب ، ودخلها صبيحة وقبل ضحى يوم الإثنين الخامس من رجب سنة ست من القرن الثالث
__________________
(١) الموافق ١٧٧٨ م.
(٢) عام ١٢٠٦ ه ـ الموافق سبتمبر ١٧٩١ م.