معركة فرطاسة ونتائجها
قال فبينما الناس على غفلة إذا بابن الشريف أصبح قائما بأقوالهم ، معلنا (ص ٢٤٤) بجهاد / الترك والمخزت محللا لدمائهم وأموالهم فاجتمعت عليه الغوغاء من كل جانب ومكان للحرك ، وهبط مع وادي مينا قاصدا نحو المخزن وأذن لأتباعه في النهب لأموال أتباع الترك. وكان الباي في بعض حركاته راجعا بعد فراغه منها إلى وهران. ولما سمع بالدرقاوي جمع له الجيوش وخرج للقائه فبلغه الخبر المحقق وهو نازل بالموضع المعروف بالبطحاء الآن ، بأن ابن الشريف بمينا بقرب تاقدمت بجيشه حائطا ، فصار الباي صاعدا نحوه ، وابن الشريف له هابطا ، إلى أن تلقيا بفرطاسة في غاية الحزم والشدة ، وكان ذلك المحل ما بين مينا وواد العبد ، فاشتدّ القتال بينهما على الماء وصارت نار الحرب بينهما دائرة بالحتوف ، وتزاحفت لبعضها بعضا الصفوف وتراكم الأمر وحام الوطيس المعروف ، فانهزم الباي وقام مخزنه على ساق واحد وركب العدّو بظهره في تزايد ، وصار يقتل ويسبي ويأسر إلى قرب أم العساكر ، وبقيت محلة الباي بما فيها بيد الدرقاوي المتجاسر ، فأمسى الباي بمخزنة في نكد ، وأصبح الدرقاوي بأتباعه في رغد ، فسبحان المعز المذل الإله بوحدانية المنفرد ، ودخل الباي للمعسكر على غير الحالة المعهودة ، وعساكره خلفه مطرودة ، ومات من مخزنه خلق كثير ، وعدد حصره عسير ، من جملتهم كاتبا الباي وهما : العلامة السيد الحاج أحمد ابن هطال التلمساني الراوي ، والعلامة الأديب أبو عبد الله السيد محمد الغزلاوي إلى غير ذلك من الأعيان ، الذين انتقلوا إلى جنّة الرضوان. وفيها قال السيد حسن خوجة في در الأعيان هذه الأبيات :
فرطاسة يومها ترى الجنود به |
|
ما بين قتلى وأسرى غير ناجينا |
فالباي جاء بجيش لا نفاذ له |
|
به يريد لقاء العدو باغينا |
فلم يحقّق له سعي ولا أمل |
|
بل جاء جنده صفر الكف باكينا |
(ص ٢٤٥) / فاليوم لابن الشريف عزّ فيه على |
|
باي الأعاجم لولا الدين لا دينا |
وقال السيد مسلم الحميري :
فيوم فرطاسة يوم كبير |
|
ذلّ فيه العزيز عزّ الحقير |