عددا وعددا ، فكان من أمرهم الظهور عليه بحشوده ، وحصل النصر لهم فهزموه مع كثرة جنوده ومكر الله بالقوم الظالمين الفاجرين ، قال تعالى (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(١) ، واشتد المخزن في القتال مع قلّته ، وانهزم العدو من حينه مع كثرته وجلّته ، وصار ذلك اليوم هو باكورة سعدهم ونجحهم وعلامة ظفرهم بالعدو وربحهم وظهور قوتهم وبأسهم ، ومسرة بشارتهم وأنسهم ، فما من يوم بعده حاربوه إلا كان لهم فيه النصر والظفر ، والمهابة والنصرة تجري على القضاء والقدر ، ولا زالت بينهم وبينه الحروب الشديدة ، والمكايد المديدة العديدة ، وانسدّت السّبل البريّة بين وهران والجزائر أياما.
فبينما الناس كذلك وإذا بالسفن في البحر تخفق فيها أعلاما مشحونة بعساكر الأتراك الشداد ، تحت حكم باي آخر وهو محمد بن محمد بن عثمان على حسب المراد. وكانءاغته البطل الشجاع الفارس الباسل المطاع ، كافل الأراميل (كذا) ، البحثاوي عثمان بن إسماعيل ، ثم كثير الشدة ، بن عودة بن خدة ، ثم الطّود الشّامخ ، الإكليل الباذح البحثاوي علي ولد عدة ، المزيل لكل غمرة وشدة ، ثم الفارس الجواد الباسل ، الخرير الكامل الواصل ، الضرغام الجميل ، البحثاوي قدور الصغير بن إسماعيل. ومن الزمالة مدير الأمور الوهراني السيد محمد ولد قدور.
الباي محمد بن عثمان المقلش وحروبه مع الدرقاوي
ثم محمد بن محمد بن عثمان ، الملقب بالمقلش وهو خامس بايات وهران ، الذين نار بهم الوقت وطاب الزمان ، كان انتقل مع أخيه عثمان إلى مدينة البليدة كما سبق البيان ، وأقام بها إلى أن قام ابن الشريف الدرقاوي على (ص ٢٥٠) مصطفى بن عبد الله المارّ وحاصره بوهران / ولما رءا (كذا) أهل الجزائر عجزه عن دفاع العدو وخانه ، عزلوه وخليفته حسن وولّوه في مكانه لرياسته وشجاعته بالميامنية ، وسعادة الوطن بولاية العثمانية. تولى سنة عشرين ومائتين وألف (٢) وهو
__________________
(١) الآية رقم ٢٤٩ من سورة البقرة.
(٢) الموافق ١٨٠٥ م.