ظهور الدرقاوي مرة أخرى
ثم ارتحل في أثر ذلك وألوية النصر تلوح عليه التزاما ، قاصدا المعسكر إلى أن دخلها ومكث بها أياما. ثم أتاه الخبر المتفانن ، بأن خليفة الدرقاوي بجموعه نزل بلد بني مريانن ، فذهب لطلبه وحصل بينه وبينه القتال الذريع ، (ص ٢٦٠) والحرب المترادف الشّنيع ، فكان / ذلك اليوم من مشاهير الأيام ، سعد فيه الشجاع وخسر اللئام (كذا) قد أتي فيه للباي المنصور ، بسلاح ولباس وفرس الخليفة المذكور ، وانجرح فيه من أعيان المخزن وكبرائه وأهل مشورة الملك ووزرائه ، قطب رحاه ، وشمس ضحاه ، وأساس مبناه ، وإتمام معناه وأكمل جوائزه ، وأشد ركائزه ، الفارس الباسل ، الصنديد الفاضل ، الشجاع الرايق الكامل في الخصال الفايق ، ءاغته وكثير جولته ، وقائده ، وسيف دولته ، العري من جميع المساويءاغة السيد قدور الصغير بن إسماعيل البحثاوي ، فلم يزده جرحه إلّا تقدّما ، ولعدوّه إلّا تعبّسا ولصديقه إلّا تبسّما ، فلقد صال على العدو كالكاسد وفعله كالرايح ، ومدحه صاحب درّ الأعيان ، وصاحب أنيس الغريب والمسافر بأبيات. فما قاله صاحب درّ الأعيان ذهب عن حفظي. وما في الأنيس خذه ، بإثبات :
جزى الله جلّ الناصر بالبواتر |
|
قدور بن إسماعيل رايس الدواير |
لحزب الأتراك في جميع المعارك |
|
فإنّه ليث الحرب ليس بغادر |
تراه إذا حام الوطيس مقدّما |
|
لقتل العدوّ الوارد ثم الصادر |
ولا يولّي الأدبار ولو تراكمت |
|
عليه العدا ولا يخاف من ضاير |
كمي شجاع شهم الحرب يوم الوغا |
|
وكم له من حزم على العدا ظاهر |
وكم له من كرّ وليس له فرّ |
|
وكم له من طعن وقطع الحناجر |
وكم له من وصل على العدا دايم |
|
وكم له من فخر على كل فاخر |
وكم له من دفع لكل مزاجف |
|
يردّه أعقابا مولى للأدابر |
(ص ٢٦١) / وفي بني مزيانن زادت شجاعته |
|
فكرّ على الأعدا بغيظ مواتر |
وزاد اندفاعا لمّا رأى رأس العدا |
|
خليفة ابن الشريف بالقرب حاير |
يحاول قبضه وهو في شهامة |
|
فحلت به الجراح ذا العزّ الباهر |
فلم يلتفت لها وزاد في حمله |
|
إلى أن نجا العدو بين الحوافر |