عليه سرعة بجنوده الظاهدة والكامنة وأثخن فيه بالقتل ، والنهب والأسر والنكل ، إلى أن مات من الطلبة أمة ، وذهب الدرقاوي مفلولا في أشدّ غمّة ، مذمورا مدحوضا ، مدحورا مفضوضا ، وقد أتى المخزن على جلّ محلته الجسيمة ، فغنمها ورجع الباي لوهران فارحا مسرورا بتلك الغنيمة فجلس بها أياما للراحة طالبا من مولاه امتداد المساحة. قال فبينما هو جالس بإيوانه في المنادمة مع أرباب دولته أهل الفخر والاستقامة ، والأخذ من العدو الثأر والجلب للسلامة ، إذ بادره الخبر بأن الدرقاوي بجيوشه نازلا بالتّوتة من واد العبد ، فخرج / له عجلا (ص ٢٧٠) في جيشه بالأزواج والفرد ، واجتمع به في تلك الناحية ، وقاتله قتالا شديدا في تلك الضاحية إلى أن بدّد شمله ومزّقه ، ودمّره تدميرا شديدا وفرّقه ، وقتل منه أمة كثيرة ، وغنم له أموالا عظيمة في عدّها عسيرة.
نهاية الباي المقلش المحزنة
ولهذا الباي مع درقاوة أيام أخرى غير مشهورة ، وهي مبسوطة في الكتب وعلى الألسنة مذكورة ، أعرضنا عن ذكرها صفحا ، وطوينا لها كشحا. قال ولما دوّخ المغرب الأوسط بأسره ومهّده وأمّن سبله وضواحيه وسدّده ، ونشر فيه العدل والعافية وأيّده ، وقطع منه العدو وبدّده ، عزله أهل الجزائر بالقوة والشد ، وأمروا بقتله بوهران فقتل شرّ قتلة بعد أن ذاق أنواعا من العذاب خارجة عن الحد ، حتى كانوا يحمون سبائك الحديد ، ويضعونها على رأسه وهو في العذاب الشديد. وسببه أنه سرّح المحلة للجزائر كما هي العادة القديمة فيما حكي من الخبر ، ولما عدم الدواب أمر بحمل الأثقال على البقر ، فبلغ خبره الباشا فأنف من فعله وأمر فورا بعزله وقتله ، مع ما تقدم له من شكاية المخزن ومرة أحمد التركي بالفعل القبيح ، الذي لا ينبغي أن يذكر ولا يكون به التلويح فضلا عن التصريح. وكانت أيامه كلها حوادث ، ولا حادثه أشد من الغلاء المفرط بوقته وفناء الناس وكثرة الفساد والعوابث. والأمر لله الواحد القهار العليم ، بالظواهر والأسرار. وكانءاغته بالدوائر الفارس النبيل الخارج عن القال والقيل ، السيد قدور بن إسماعيل ، الصنديد البحثاوي ، والحاج قدور بن الشريف الكرطي التلاوي ، وبالزمالة السيد محمد الوهراني الحنين وعدة ولد محي الدين.