لأن صهرك درقاوي يأوي إليك فأنت مثله وأحوالك ببداية ، فقال له إني شيخ طلبة لا غير وعايرتني بالتدرقي ولست من أهله وخرّبت مكاني خرب الله ملكك عن قريب وألبس لك التدرقي عباية. وهذا أبو ترفاس ولد الشيخ أبي ترفاس الذي غزاه الباي خليل ، فأهلكه الله لرجوعه لتلمسان في السبيل ثم كر الباي لأهله راجعا وهو في هلاك غير أبي ترفاس من درقاوة طامعا ولما وصل لوادي تافنة ، حل به البلاء وانحط ، وأصابه الثلج العظيم الذي لم يمطر مثله قط. فمات به كثير الخيل وتعيّب كثير الجند ودخل الباي اضطرارا تلمسان ، وافترقت محلته افتراقا مختلفا هامت به في البلدان ، فمنهم من مات جواده والآخر تمزّق خباؤه ، ومنهم من تلفت سرجه والآخر انكسرت بندقته (كذا) والبعض تورّمت أعضاؤه ، وانهدمت بسببه الديار ، وانكسرت منه الأشجار ، فسبحان الله الواحد الأحد المالك القهار. واشتهرت تلك الواقعة بحركة الثلج ، وعرف عند الناس بقصة عام الدّلج. وبقي الباي بتلمسان إلى أن صفا الحال ، وأمن على نفسه فضلا عن جيشه من الضرر والنكال ، رجع لوهران واستقامت له الأحوال واقتدت به الناس في الأفعال والأقوال.
نهاية الباي بوكابوس المحزنة
قال فبينما هو بإيوانه في فرح وانبساط ، وسرور واغتباط ، وإذا بالباشا بعث له بالحركة لتونس التي كانت عليه منحوسة ، وأصل هلاكه وصارت أموره منكوسة ، فهي سيئته وخطيئته ، وبها كان هلاكه وسخيطته ، وعذابه / وزوال (ص ٢٧٨) الملك عنه ، وإهانته والانتقام منه. وسبب الحركة أن الجزائريين وقعت بينهم وبين التونسيين مقاتلة ومشاجرة ومواقفة ومحاصرة ، ودامت زمانا طويلا سرا وجهرا ، فتهيأ الجزائريون لهم بالحركة برا وبحرا وبعث الباشا لباي الغرب أن يتهيأ للحركة بالمحلة الجليلة من أنجاد مخزنه ذوي الجلالة لاتصافهم في كل موطن بالشجاعة والحزم والبسالة ومآثرهم في الحروب مشهورة ، وعند الناس في كل مكان مذكورة ليس لها خفاء بالشدة والجلدة ، وكان يضرب بمخزنه المثل في كل بلدة ، فالواحد منهم بمنزلة العشرة فاعلا في الثبات والشدة ، والشجاعة والفراسة والمعرفة والكياسة والأدب والظرافة والفطانة واللطافة والتقدم لإزالة