من مخزنه فعلوها لنجاة أنفسهم من العطب ، فاطمأن قلبه ورضي بالموت وزال عنه النصب ، وأذن للعلماء في قبضه فأبوا ذلك ، وقالوا له هذا شأن المخزن لا شأننا فهم أولى بذلك ، ثم أذن للمخزن ورؤوساء البلد فدخلوا عليه وكبّلوه وشددوا عليه ووحّلوه ، حتى أن الوجيهءاغة علي ولد عدة قال له لما اجتمع به بخروف قادما لوهران! أيها الباي فعلت الذميم مع مخزنك سابقا وأهلكت نفسك لاحقا فلست من آل عثمان ، وقاله ثانيا لما شرعوا في تكبيله ، وتوثيقه وتنكيله وأخبروا العساكر التي في السفن وأدخلوهم المدينة ، وكتبوا لعمر آغا بذلك ، ليدخل كمن كان في السفينة. وقد أتى عمر معه بالقفطان المعد للملوك وبايات لار ، فألبسه بمازونة لخليفة الكرسي على قارة باغلي باشتهار ، وولّاه من حينه بايا للإيالة الغربية ، بدلا من صهره أبي كابوس ذى الأحوال الحربية ، فظهرت فيه دعوة الشيخ أبي ترفاس المارة في الرواية عايرتني بالتدرقي ألبسه الله لك عباية. ثم قدم عمر وعلي قاصدين بجنودهما وهران ، فدخلاها وألفياه مكبولا في سجنه نادما على فعله الذي حسنته له نفسه وشياطين الإنس والجان ، وهو صابر لما ساقته له المقادير ، فحق فيه ما قاله الشاعر الماهر :
قالت أراك مع الأرذال تصحبهم |
|
ومن يصاحبهم في دهره يهن |
لا يصحب المرء إلّا من يشاكله |
|
ما رأيت الظّبا والأسد في قرن |
(ص ٢٨١) / أجبتها مظهرا عذري ومنشدها |
|
بيتا به تضرب الأمثال في الزمن |
يغمى على المرء في أيام محنته |
|
حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن |
عمر آغا يقتل الباي بوكابوس وينصب الباي
علي قارة باغلي
ولما رآه عمر آغا تركه على تلك الحالة بالاعتماد ، وخرج معه الباي علي بجيوشهما يجوسان البلاد ، ويتفقدان أحوال الرعية وما عملت وأخّرت وقدّمت ، فوصلا لجبل ترارة وكانت بها دار ابن الأحرش الدرقاوي فأمرا بهدمها فتهدمت وصعدا مع الجبل إلى تاجرة ثم رجعا لتلمسان بعد خلوها وفرار أهلها عنها ، ثم رحلا لناحية الحشم ونزلا بالمعسكر بالخارج منها ، وهناك أمر عمر آغا بقتل