سجل عظيم يرقاني ، زعموا أنهم أتوا به من عند السلطان الأعظم صاحب الباب العالي أمير المؤمنين محمود الخاقان ولما جازوا رماية مدافع المسلمين ، ابتدروا بإرسال صواعقهم إلى أن حرقوا سفن المسلمين ، وكان ذلك وقت العصر واستمرّوا على ذلك الحال بغاية التمكين ، كأنّ مدافعهم في الإرسال واحد إلى تمام عشر سوايع (١) بعدّ الحاسبين الموقتين ، فأبطلوا الضرب وملوا لما لحقهم من المجاهدين. قال ثم اصطلحوا مع أهل الجزائر بإعلان ، على المنّ بأسارى النصارى الذين بالجزائر ووهران ، فأسلموهم كلهم باعتبار المقاصد ، حتى أنه لم يبق بعمالة الجزائر نصراني واحد. قال الذي تواترت به الأخبار تواتر المصدع ، أنهم أرسلوا على الجزائر أربعين ألف مدفع. ولما قتلوه أقاموا مكانه عليا باشا إقامة الأكابر ، وأجلسوه على كرسي مملكة الجزائر ولما استغل له (ص ٢٩٤) ذلك / واستقر بالملك قدمه ، غيّر الصرف تغييرا كان به عدمه. فالريال دور (كذا) كان فيه خمسة عشر وقيّة ، حطه إلى اثنا عشر وقية ، فقد انقص خمسه ، وأضاع من حينه فلسه ، والريال الجزائري كان فيه ثمانية أواق ، فحطّه إلى ستة أواق ، فأنقص منه ربعه ، وغيّر من ساعته جمعه ، وأحدث أمرا لم تحدثه قبله ملوك الجزائر في الأوامر. فولّى خليفة الشرق من الجزائر ، كما ولّى قائد تلمسان وكان قبله لا يولى من الجزائر إلّا الباي بالبرهان.
نهاية الباي علي قارة باغلي
ثم عزل الباي عليا من منصبه ، وأزاله عن مقامه ومرتبه ، وسبب العزل له والقتل ، كما هو مقرر في النقل ، أن هذا الباشا المذكور في البيان ، لمّا تولى الملك نفى بعض الأتراك من أصحاب عمر باشا لوهران وبعث في أثرهم للباي علي بقتلهم قتلة شرّة ، ولما أحسّوا بذلك فروا لمحلة الشتاء التي بهبرة ، فبلغ خبرهم للباشا فغاب لبّه وطاش واستغاظ شديدا على الباي ، واتهمه بأنه هو الذي صدر منه لهم ذلك الرأي ، وبقي في غيظه وغضبه على الباي بلا ناكث ، إلى أن ذهب الباي مدنشا للجزائر كما هي العادة عندهم في الدنوش بأنه يكون على
__________________
(١) يقصد ساعات. والحديث عن غارة اللورد ايكسموث عام ١٨١٦ م.