وصله سأله عن نفسه ونسبه ، وعرّف بذلك دون شبيه وناوله مكتوب أبيه ، فأمرهم فورا بردّ ما أخذ له بأسره لما ظهرت العلامة ، فردوه فورا ولم تضع له حتى الغلامة وذهبءاغة مصطفى بمكتوب خليفة القائد للباي حسن ، وعرّفه بالواقع وزال ما به من الوهن ، وقال له أنّ ما تراه من الجراد فضباب على رؤوس الحبال ، وستطلع عليه الشمس الحارّة فينصرف عن آخره وهو في النكال ، وأن العرب ستأكل بعضها بعضا ويقتل بعضها بعضا والنصر مآله إليك ، فانشر ألويتك ونقّر طبولك واضرب غوائطك بناغراتها ولا حرج عليك ، فنشرت السناجيق في الحين ونقرت الطبول والغوائط والناغرات بصوتها الحنين ، والتقى الجمعان بعوّاجة بلاد أولاد رحّو فكان ثمّ أعظم الوقوف ، ونشأ الحرب بين الفريقين وتزاحفت لبعضها بعضا الصفوف وحام الوطيس وترادفت الردوف ، واشتبكت الناس ببعضها بعضا وهاج الرّيح العصوف.
المعركة الفاصلة ومقتل التيجاني
قال فلم يكن غير ساعة إلّا والحشم وسائر الأعراب قامت على ساق واحد ، وبقي وحده في تجاجنته واطّلع على رأيه الفاسد. ويقال أن الباي فرق أموالا كثيرة على أعيان الحشم وكافة العرب فأوقعوا الهزيمة ، وفرّوا وتركوه بجيشه الخاص به منفردا في الحالة الذميمة ، فصار جيشه يذبّ عن نفسه عن نفسه ويسارع في مشيه نحو بستان أولاد رحّو (كذا) وهو بستان عظيم من الهندية ليتخلصوا به ويتفسحوا فحال بينهم وبينه جيش الباي وأوقفوهم بموضع يقال له السّمّار ، وأداروا بهم دور مقياس بسواعد الأبكار ، واشتدّ القتال إلى أن قتل التيجيني بجميع جيشه ولم يفلت منهم واحد ، ومات خليفة التجيني وهو السيد إبراهيم بن يحيى من أولاد سيدي محمد بن يحيى ذي الفضل الماجد ، ومن جيش الباي عدد كثير بالأمكن منهم محمد ولد قدور البحثاوي وقائد غمرة وغيرهما وتكسّرءاغته المزاري من ساقه الأيمن ، وكان عدة بن قدورءاغة الزمالة المتقاعد عن الخدمة في نوبته وقتا ، حلف أنه / إذا ظفر بالتجيني ليضربنّه بسيفه (ص ٣٠٨) حيا كان أو ميتا ، ولما ألفاه ميّتا ضربه بسكينه للصّدر إزالة للكربة إلى أن هضمه من صدره تهضيما كبيرا بتلك الضربة ، فعابته الأعيان على ذلك كثيرا ، وقالوا له