وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً)(١) من أراد يدرك آخر ما رغب الله فيه ، وينجو من أسوأ ما خوف الله منه ، فليتّق الله في السّرّ والعلانية ، فإنّ الله جعل العاقبة للمتّقين ، وليسمع وليطع ، فإن الله يقول : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا)(٢) وليذكر الله كثيرا ، فإنّ الله جعل للذاكرين الله مغفرة وأجرا عظيما. أسعد الناس بقضاء الله في الأمور كلها المؤمن ؛ إن كان قضاء الله فيما يوافق هواه حمد الله وشكر ، فاستوجب على الله ما يجزي الصابرين. إنّ الله لم يدع لأحد عليه حجة من كل شيء على الخير ، ويسره ، وبين الشر وحذره ، فلو أن أدناكم علما أتى بما عنده من العلم أمة من الناس كفارا ، كثيرا عددهم ، شديدا بأسهم ، شديدا كفرهم ، فأمرهم بما يعلم مما يحب الله ، ونهاهم عما يعلم مما يكره الله ، فأطاعوه دخلوا الجنّة أجمعون ، فلا يهلكن (٣) امرؤ على ما قد علم رد امرئ على نفسه ثم أكثر الرغبة إلى الله في أن يحسن هداه ، وتوبته رشده ؛ فإنه من يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم ، أبصر امرؤ ، والبصر ينفعه (٤) ، وعقل ، والعقل ينفعه ، فإن الله يقول في آي تترى من القرآن (أَفَلا يُبْصِرُونَ)(٥)(أَفَلا يَعْقِلُونَ)(٦) ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(٧) تفكّر امرؤ لما خلق له الفراغ أم لعمل الشقاء أم لسعادة؟ الجنّة أم لنار؟ وليتذكر فجأة [سكرة](٨) الموت (٩) وشدته وانقطاع العمل عنده ، وليتذكر من بعد الموت ما هو أشدّ من الموت بما خوف (١٠) الله تبارك وتعالى من يوم القيامة من شدّته وطوله وعبوسه وقمطراره واستطارة شرر ناره ، قال (١١) الله تبارك وتعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً)(١٢) اللهمّ صلّ (١٣) على محمّد عبدك ونبيك ، اللهم أعظم برهانه ، وشرّف بنيانه ، واجعله أعظم عبادك (١٤) عليك حقا وأقربهم منك مجلسا وأكثرهم يوم يلقاك تابعة ، والسلام
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٣١.
(٢) سورة النور ، من الآية : ٥٤.
(٣) في «ز» : يهلك.
(٤) قوله : «ينفعه و» مكانه بياض في «ز».
(٥) سورة السجدة ، الآية : ٢٧.
(٦) سورة يس ، الآية : ٦٨.
(٧) سورة الأنعام ، الآية : ٩٥ وسورة يونس من الآية ٣٤ وسورة فاطر الآية ٣ ، وسورة غافر الآية ٦٢.
(٨) الزيادة عن م.
(٩) من قوله : الجنة إلى هنا مكانه بياض في «ز».
(١٠) قوله : «ما هو أشد من الموت بما خوف» مكانه بياض في «ز».
(١١) قوله : «وقمطراره واستطارة شرر ناره» مكانه بياض في «ز».
(١٢) سورة الإنسان ، الآية : ٢٧.
(١٣) من قوله : ويذرون إلى هنا مكانه بياض في «ز».
(١٤) من قوله : وشرف إلى هنا مكانه بياض في «ز».