الجمهورية ، ثم عدلوا عنها ورادوا أحد عائلات ملوك أوروبا فملكوا عليهم ابن ملك إيطاليا ، ثم بدا له منهم النفرة فخلع نفسه وأوصلوه إلى بلاده محروسا مكرّما وعادوا إلى الجمهورية ، فأنف منها شرفاؤهم وأغلب الأهالي فاستقر أمرهم على ابن ملكتهم المذكور ، على أن يكون تحت القوانين المرتبة وخاضعا لها فاستقام حالهم بذلك وأقبلوا على إصلاح شؤونهم ، بيد أن ذلك لما كان حاصلا من عهد قريب وبعد حروب أهلية لم تتراجع دولتهم إلى أن تعد من الدول الأوّلية ، وسكان هاته المملكة عدا ما بقي لها من المستعمرات سبعة عشر مليونا ولها مستعمرات في أمريكا وفي شطوط أفريقيا وآسيا وجزر الأقيانوس ، يبلغ عدد سكانها نحو تسعة ملايين ، وهاته المملكة يحدها جنوبا بوغاز طارق والبحر الأبيض ، وشرقا البحر الأبيض في البعض وفرانسا في الباقي ، وشمالا المحيط الشمالي ، وغربا المحيط المذكور ومملكة البرتغال ، وقاعدتها مدريد.
الفصل السادس والعشرون
وأما المملكة السادسة وهي مملكة البرتغال ، فقد كانت قسما من الأندلس ثم إسبانيا وعند تقهقر هاته استقلت عليها وأجرت القوانين فكانت مستقيمة السيرة على قدر حجمها. وسكانها نحو أربعة ملايين ونصف ولها مستعمرات في شطوط أفريقية والصين والهند ، يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين ونصف ، ويحد هاته المملكة غربا المحيط الغربي ومن بقية جهاتها إسبانيا ، وقاعدتها أشبونة بالتسمية العربية وحرفوها الآن فصارت لزبون.
الفصل السابع والعشرون
وأما الدول الوسطى فأولها : دولة فرانسا ، ذات النخوة والشأن المتقدّمة في التمدن والسطوة والعرفان ، وسيأتي تفصيل الكلام عليها إن شاء الله تعالى. وإنما نقول هنا : إن هاته المملكة حوت من المحاسن والصفات ما أقر لها به معاصروها ومناكبوها ، ولو لا تقسيم أهلها لأحزاب مع سرعة العمل بينهم لما جارتها دولة ، وهي تشتمل على نحو ستة وثلاثين مليونا من النفوس ، ولها مستعمرات في جميع القارات يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين ، واستقلالها قديم وتختها مدينة باريس. ويحدها جنوبا البحر الأبيض وإيطاليا وإسبانيا ، وشرقا إيطاليا وسفيسرة وجرمانيا والبلجيك ، وشمالا البلتيك والمانش والمحيط الشمالي ، وغربا المحيط المذكور. وهي من أقدم الدول القانونية وإن طرأ عليها في الوسط شيء من الإستبداد لكنها أزاحته ، وحكومتها جمهورية وقاعدتها باريس.
الفصل الثامن والعشرون
وثانيها : دولة سفيسرا ويحدها جنوبا إيطاليا ، وشرقا أوستريا ، وشمالا المانيا ، وغربا فرنسا ، وقد كانت تداولها كل من فرنسا وألمانيا مدة قرون وفي خلالها يحصل لها في بعض الأحيان استقلال ، إلى أن تم استقلالها باعتراف جميع الدول الكبيرة وضمانتهم لاستقلالها وذلك سنة ١٦٤٨ أي أواسط القرن الحادي عشر الهجري ، ولا زالت على ذلك.