الجسور والطرق الحديدية وتنظيف الطرق زيادة على إنشائها ، وكذلك كل ما يؤول لتوسيع التجارة والمعارف والفلاحة وغير ذلك مما يعود على المملكة بالتحسين والتحصين.
القسم الثالث من الأرض
هو قارة أفريقيا ، هاته القارة صارت الآن جزيرة عظيمة جدّا يحيط بها البحر من جميع جهاتها ، فيحدها شرقا المحيط الشرقي والبحر الأحمر وخليج السويس والبحر الأبيض ، ويحدها شمالا البحر الأبيض وبوغاز طارق والمحيط الغربي ، ويحدها غربا المحيط الغربي ، ويحدها جنوبا المحيط الجنوبي ، وقد عرفت جميع شطوطها وما قاربها على التحقيق وبقيت دواخلها غير مسبورة على التحقيق إلى الآن لشدّة حرها ، حيث كان خط الإستواء قاسما لها ، ولصعوبة السفر من توحش أهلها وقلة الماء والطرق ، وتشتمل هاته القارة على ستة وأربعين مملكة ما بين مستقل وتابع لغيره ، فأما الجهة الشمالية من القارة فإنها لها الشهرة التامّة ، وناكبت بتقدمها غيرها من القارات في العصور السابقة ، ولا زالت إلى الآن مرعية الإعتبار.
الفصل الأربعون
فأول دولها : سلطنة مراكش ، ويحدها غربا المحيط الغربي ، وجنوبا الصحراء الكبيرة ، وشرقا ولاية الجزائر ، والصحراء المذكورة ، وشمالا البحر الأبيض وبوغاز طارق ، وهي مملكة متسعة اختلف الجغرافيون في عدد سكانها من خمسة ملايين إلى ثلاثة عشر مليونا والأقرب للصحة على حسب ما يسمع من أهلها الذين لهم خبرة بأحوالها أن السكان المطيعين للحكم نحو سبعة ملايين ، ومبتدأ الحكم النافذ من الشطوط الشمالية إلى بلدة رودانة في الجنوب ، وهي تبعد عن مراكش من جنوبها نحو مسيرة ستة أيام وموقعها جهة السوس الأقصى ، وهناك أمم تابعون بالإسم وهم أكثر من الخاضعين للحكم وليس فيهم من أمارات الخضوع إلا الخطبة بإسم سلطان المغرب ، وهم على نوع من الهمجية وتناصر الجاهلية ، وجميع السكان مسلمون إلا نحو ثلاثمائة ألف من اليهود وبعض الغرباء من الإفرنج في المراسي ، وحكمهم استبدادي في السياسة ، وأغلب الأحكام الشخصية يحكم فيها بالشرع والمباشر للحكم هو قاض يختار من أعلم الموجودين ، والمذهب العام هو المذهب المالكي ولهم مفتون يوليهم القاضي وبعضهم يوليه السلطان ، وهؤلاء المولون من السلطان يستشيرهم القاضي عند طلب الخصم للشورى في حكمه أو عند توقف القاضي في وجه الحكم وهكذا في كل مدينة أو قبيلة قاض ، وجميع ما يرجع إلى تلك المدينة من الإيالة يرجع إلى ذلك القاضي وله نواب في القرى الصغيرة ، وفوق الكل قاضي فاس وهو قاضي القضاة ، وفي فاس قاضيان بهاته الصفة كل منهما مستبد بجهة من المدينة وما يتبعها لأنها تنقسم إلى فاس القديمة وفاس الجديدة ، ثم في هاته المدة زيد قاض ثالث دون الآخرين في الرتبة وإنما هو بصفة نائب عن قاضي فاس القديمة ، لأن هذا مع كبر علمه