بمرسى على أحد شطوطها ولا أقل من أن تكون مجرّد حليفة لها حتى يخشى الفرانساويون عند عقدهم الحرب مع ألمانيا من هجوم المغرب على الجزائر ، وبقية الدول لا أرب لهم هناك ولذلك يظن أن لا يحصل ضرر على هاته الدولة من ذلك المؤتمر لأن إسبانيا وحدها لا تقدر على جلب مساعدة الدول إليها ، وهي بنفسها ولئن كانت قادرة على التسلط على المغرب لكن الدول السابقين الذكر اللاتي لها منافع هناك تعارض إسبانيا في قصدها. ومع هذا كله فإنهم لا بد أن يظهروا شيئا لتلك المملكة حتى تراعي الإتحاد الأروباوي ، ويا ليتهم تجنبوا ما نهى عنه الشرع ولم يعملوا مع أهل الذمّة إلا ما أمر به الشرع لأن مجاوزة الحدود تقضي بالإنقلاب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم إن صناعة النقش في الجص على ظواهر الحيطان المسماة في العرف بنقش حديدة لها إتقان عظيم بهاته المملكة وكذلك دبغ الجلود ، وأما القوة الحربية فإن لهم قبائل مخصوصين معفون من جميع الأداء للدولة وهم القائمون بحمايتها مع إعطاء الدولة إليهم المعاشات والسلاح والخيل ، وعلى بقية القبائل زيادة على الزكاة والعشر أن يدفعوا للدولة مقادير معينة من الخيل ، أما عند حدوث الحرب فيلزم جميع المملكة أداء ما يحتاج إليه من الكراع والذخيرة ، ولا زال سلاحهم على الطرز القديم وكذلك حركاتهم العسكرية ، لكن منذ نحو ثلاثين سنة ابتدأوا بتنظيم العسكر على الطرز الجديد وألفوا جيشا يحتوي على ستة عشر ألفا ، ومعلموه من عساكر تونس ولكنه انخرم وهرب أغلبه ، ولكن قد أخذ السلطان المتولي الآن وهو مولاي حسن في تنظيم الجيوش على مقتضى الطرز الجديد وأرسل تلامذة إلى مدارس فرنسا وألمانيا لتعلم الفنون الرياضية ، والله ينجح سعيه ويحرس المملكة.
الفصل الحادي والأربعون المملكة الثانية
هي مملكة الجزائر ، وهي شرقي السابقة. ويحدها شرقا تونس ، وجنوبا الصحراء ، وغربا المغرب ، وشمالا البحر الأبيض ، وهي تابعة لفرنسا منذ سنة ١٢٢٧ ه ، وسيأتي تفصيل الكلام عليها في المقصد. وإنما نقول هنا أن عدد سكانها نحو مليونين ونصف وأكثرهم مسلمون ، وقاعدة المملكة هي بلد الجزائر والأحكام السياسية والضبط مثل فرنسا ، والأحكام الشخصية بين شرعية إسلامية وبين قانونية فرنساوية.
الفصل الثاني والأربعون
المملكة الثالثة
هي مملكة تونس : ويأتي تفصيل الكلام عليها في المقصد إن شاء الله تعالى ، والإجمال أنها مملكة إسلامية تابعة للدولة العثمانية مستقلة بالإدارة وحكمها استبدادي محض ، وسكانها نحو مليون ونصف ، وقاعدتها مدينة تونس ، ويحدها شرقا وشمالا البحر