الفصل السادس والأربعون
المملكة السابعة : هي مملكة الزنجبار ، وموقعها على شطوط أفريقية الشرقية على المحيط الشرقي ، وقاعدتها في جزيرة أمام القارة. وهاته المملكة هي إسلامية عربية من قديم ، وتارة تكون تابعة لغيرها من ملوك جزيرة العرب وتارة تستقل ، وفي أوائل هذا القرن استفحل ملك أحد أئمة مسقط بجزيرة العرب وهو المسمى بالسيد سعيد من أعيان ملوك الإسلام المتأخرين ، فعبر السيد سعيد البحر واستولى على زنجبار وجعلها مقر ملكه ، وأشاد فيها الحصون ورتب فيها الإدارة الملكية مع انتحال شعائر الدين الإسلامي وكان من أتباع المذهب الوهابي ، كما أنشأ أسطولا بحريا يتألف من أربع سفن كبار حربية ذات طبقتين ، ومن عمل مداركه السياسية أنه لما علم إزدياد القوّات الأوروباوية وطموح أنظارهم إلى الجهات الشرقية وغيرها كما حصل بالفعل في شطوط أفريقية والهند ، راكن حينئذ دولة الإنكليز وجعل معها عهدا حتى تكون كافلة بحماية ممالكه من تسلط الغير لأنها أقوى دولة أوروباوية لها شوكة في تلك الأقطار ، وفي آخر حياته أولى على مسقط أحد ولديه وهو المسمى السيد تويني مستقلا بها ، كما أولى على الزنجبار ولده الآخر المسمى السيد ماجدي ، وبعد وفاته حصلت نفرة بين الأخوين وعزما على الحرب فتداخلت بينهما دولة الإنكليز وتصالحا على أداء ملك الزنجبار إلى إمام مسقط مقدارا سنويا حيث أن المملكة الأولى أغنى من الثانية والثانية أقوى. وكانت مالكة للأولى. ثم (ازداد غناء مملكة الزنجبار واعتبارها بعد فتح خليج السويس لاعتناء سلطانها السيد برغش ، وإجراءه للعدل.
ولأهلها تمدن وفطانة عربية ، وقد زار سلطانها السيد برغش ممالك أوروبا في أوائل عشرة التسعين بعد المائتين وألف وأخذ ينحوا منحى التمدن الأوروباوي في بعض أشياء ، سالكا مسلك الإستشارة الذي هو أساس العدل ، ودخل هاته المملكة يأتي إن شاء الله تعالى في جدول دخل الدول ، وأما عدد السكان فهو نحو مليونين تقريبا.
الفصل السابع والأربعون
المملكة الثامنة : هي مملكة برنو ، وهي في دواخل القارة في الجهة الشمالية الشرقية ، ويحدّها شرقا واداي ، وجنوبا الأراضي المجهولة ، وشمالا الصحراء الكبيرة ، وغربا قبائل بنبرا. وهي مملكة سودانية إسلامية يقال في صفتها وأحوالها ما يشبه مملكة مراكش. وملكها من نسل العرب ويقال من الأشراف ، وتخته كوكا أو كوكو قرب بحيرة أتشأت أكبر بحيرات دواخل أفريقية ، وهذا التخت منقسم إلى قسمين كل قسم له سور وفيها بلدان للتجارة ، منها ما به معامل للصبغ وأخرى لنسيج الثياب القطنية.
وسلطانها مستقل ويلقب في عرفهم بالشيخ ومن دونه يلقبون سلاطين ، وله اقتدار ويوسم بالعلم بل يقال عنه أنه يقرأ درسا من تفسير البيضاوي ودرسا من صحيح البخاري. ولمملكته قبائل تؤدّي خراجا له وهي مركى ، وتختها دورا ومندرا ولوكون ، ولهم صنائع في