النسيج وغيره ولسلطان برنو جيش من السودان على أنواع غير نظامية ، وله معسكر خاص يقدمه بين يديه على أحسن صورة وأكمل خلقة أشدّاء لهم رماح وأقواس من الحديد ولكل في ذراعيه حلق من حديد ماسكة لزنديه علامة على القوة ، ولا لبس لهم إلا ما يستر العورة وبأصابعهم خواتم من حديد تعين على جذب القوس لصلابته ليبعد رميه ، ولا يلبس العمامة إلا السلطان وهي عمامة كبرى بيضاء. ولدولة ألمانيا معه مواصلة ومهادات لإعانة جمعية الجغرافيا على الاكتشاف ، ويقال إنه يقدر أن يعسكر من الفرسان أزيد من مائة ألف من عموم الأهالي ويستعمل عندهم الأسلحة النارية ، ولغة الدولة هي العربية وفيها العلماء وعدد السكان باعتبار الإضافات نحو ثمانية ملايين تقريبا.
الفصل الثامن والأربعون
لا يخفى أن بقية أفريقيا لما كانت غير مكتشفة حق الإكتشاف لجميعها وليس لأهلها من التقدّم ما يماثل بقية الممالك ، قد قسمها الجغرافيون إلى أحد عشر قسما كبرى ، فأوّلها : سمّوه بالسودان ، ويحدّه شرقا ولايات مصر السودانية مثل دارفور ، ويحدّه شمالا الصحراء الكبيرة ، ويحدّه غربا سانيغال ، ويحدّه جنوبا كينيا العليا وبلاد الكفر. وهذا القسم يشمل عدة ممالك وقبائل مستقلة.
(تنبيه) لما كان غالب أسماء هاته الجهات والقبائل منقولة من لسان أعجمي إلى الفرنساوي ، ومنه نقلنا أغلبها ، فربما وقع تحريف في الإسم ، ولكن على كل حال يفيد تقريبا المقصود بالمادّة ، ومن ممالك هذا القسم سلطنة برنو المتقدّمة وأكثر الممالك التي فيه أهلها مسلمون وفيهم علماء أجلة لهم تآليف إلى هذا العهد ، ولكن الإطلاع على تفاصيل أحوالهم بالنسبة إلينا لما كان عسرا اكتفينا بالذكر الإجمالي.
الفصل التاسع والأربعون
مملكة واداي : وهي مملكة إسلامية لها ملك مستقل ولها تجارة واسعة مع مصر وطرابلس الغرب ، ولأهلها وفاء عظيم بالعهد. «ذكر لي ثقة أن أحد أهالي واداي قضي عليه بالأسر فبيع في طرابلس والحال أنه حر» ـ وبذلك يعلم إصابة منع التملك الذي هو مباح للخوف من الوقوع في الحرام حسبما يشهد لذلك ما كتبه عالم أفريقية سيدي إبراهيم الرياحي من المالكية وشيخ الإسلام بيرم الرابع لأحمد باشا عند أمره بعتق العبيد ، فكتب إليه كل من العالمين المذكورين كتابة جيدة في إصابة رأيه ـ ثم أن ذلك الأسير بعد أن أقام مدّة وصل فيها إلى سنّ الشيخوخة بطرابلس أعتقه مالكه ورجع إلى بلده وكان غنيا ، وبعد نحو ثمان سنين قدم على معتقه ومعه هدية ثمينة وفاء بحق الصحبة ومعه تجارة وقضى أمره ورجع إلى بلاده ، وعدد أهالي هاته المملكة نحوا من مليونين ونصف ، وتختها مدينة «وره» وعادات هاته المملكة وأحكامها على نحو مملكة برنو تقريبا.