الفصل الخمسون
في بقية ممالك القسم المسمى بالسودان.
فأوّلها : قبيلة كانم بو ، وهي في الجهة الشمالية من برنو وقد كانت سابقا مستقلة ثم صارت الآن تابعة إلى واداي المتقدّمة مع امتياز ، وقاعدتها ماو ثم قبيلة باكرمي وهم تابعون إلى واداي أيضا بامتياز وقاعدتهم ماسنا وهي غربي السابقة ، ومن غريب ما فيها أن عندهم نوع من النمل يحفر بيوته كبيرة جدا بحيث يكون ارتفاعها نحو عشرين ذراعا واتساعها نحو مائة وعشرين ذراعا ، وهاته الممالك والتي قبلها هي حول أعظم بحيرة في قسم السودان المسماة اتشاد فواداي من شرقها ، وكانم من شمالها ، وباكرمي من جنوبها ويليها قبيلة موزكو. ومن غريب عاداتهم أن الرجل والمرأة إذا تشاجرا فإذا ابتدأ أحدهما بالكلام خيط الآخر فمه بالخيط حتى إذا انتهى صاحبه فتح هو فاه وفعل صاحبه مثل فعله لكي لا يقطع عنه الكلام ، ولذلك ترى أفواههم مثقوبة من الصغر لأجل ذلك ويدعى أنهم يأكلون الأسرى بل وإن من تفطنوا به منهم أنه أصابه مرض أكلوه قبل أن ينحف فلا يصرح أحد بمرض للخوف على نفسه.
الفصل الحادي والخمسون
مملكة «فلاتا» : ومركز قوتهم بلد هوسا التي بها شبان أقوياء من السودان ويسمون بإسم بلدهم ، وهم خاضعون إلى فلاتا وهؤلاء جلهم مسلمون حسن السيرة على ما هم عليه ، وتختهم بلد سا كاتو ولهم سلطان مستقل مسلم ومسكنه بلدة ورنو ، وأعظم بلاد للتجارة عندهم بلد كانو ، وأهلها مسلمون ولهم بعض صنائع جيدة كالدبغ والصبغ والنسج ، ولهاته القبيلة السيادة على جميع القبائل المجاورة لها إلا نحو ثلاثة قبائل جوار الصحراء ، وهي : كوبر ، ومريادي ، وكاغو ، ولذلك كانت فلاتا مملكة وموقعها غربي الممالك السابقة على نهر ينجر الذي هو أعظم أنهر قسم السودان ، ولهم عليه قوة عظيمة.
الفصل الثاني والخمسون
القبائل المتحدة المسماة بركو المتألفة من تنبكتو وكورما ولتباكو ، وقد كان الجميع تحت سلطنة واحدة جمعهم عليها أحد علماء فوت المسمى عمر الفوتي ، وهو من العلماء الأجلاء من كبار تلاميذ سيدي أحمد التجاني (١) رضياللهعنه ، وتوصل باجتماع التلامذة عليه إلى أن صار ملكا وجمع هاتيك القبائل والتي يأتي ذكرها تحت سلطنته ، لكن في آخر الأمر وقعت حروب معه إلى أن قتل بلغم يقال : إنه أثاره على نفسه لما أيس من الحرب
__________________
(١) هو أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد الشريف التجاني أبو العباس (١١٥٠ ـ ١٢٣٠ ه) شيخ الطائفة التجانية في المغرب فقيه مالكي عالما بالفروع والأصول ملما بالأدب. توفي بفاس الأعلام ، ١ / ٢٤٥ شجرة النور الزكية ٢٥٨ و ٣٧٨.