ثم استقال هو من ذلك ونزل تحت الوزير ثم ولي عضوا في مجلس الشورى الآتي ذكره وبقي على ذلك إلى الآن.
المطلب الثامن : في وزارة مصطفى بن إسماعيل
هذا الوزير من الناشئين في حاضرة تونس ، ولما شب رباه أحد متوظفي قصر الحكومة الملقب بزهير حتى نسب إليه في اللقب ثم أخذه منه الصادق باشا الوالي الحالي وصار من خدمته وقربه ورقاه إلى رتبة أمير لواء مع انضمام رتبة أمير لواء ثانيا في عسته العسكرية الخاصة ، وهي وظيفة مقصورة عليه لم تكن من قبل ولا بقيت من بعد ، ومن حدود تلك المدة عرف بلقب ابن إسماعيل نسبة إلى والده الذي يقال أنه مسمى بذلك ، وهو متواضع بشوش كثير التردد على الصالحين وزيارتهم شديد الإعتقاد فيمن ينتمي إلى علوم الحدثان ، شره على الأشياء الجديدة كثير الإنفاق على ما يعود إلى لذاته محب للتجمل بالملابس المجوهرة ، حتى تتعدد الخواتيم المكللة بإصبعه وترى المجوهرات على صدره وسلسلة ساعته ، عارفا بأخلاق سيده ملائما في سيرته معه لمرضاته ، حتى تمكن ميله إليه واشتدت رغبته في استرضائه إلى أن قدمه على معاصريه وأبناء جنسه ، فبلغ إلى الرتبة المشار إليها ، ثم رقاه إلى رتبة أمير لواء العسة وأبطلت الرتبة الثانية المشار إليها ، وفي أواخر مدة التنافر بين الوزير خير الدين ومصطفى خزندار انتهزت تلك الفرصة إلى التنويه بشأن مصطفى بن إسماعيل ورقي إلى رتبة الفريق ، وأرسل من الوالي كما تقدم إلى مالطه لإبلاغ العناية بالوزير خير الدين وكان يظهر إليه الميل عن مصطفى خزندار ، ثم ولي عاملا على الوطن القبلي أواخر مدة مصطفى خزندار وأخذ مستلزمات العمل المذكور بنقلها إليه بدون انتهاء مدة من كانت بيده.
وامتدت الأيدي إلى أرزاق أهالي العمل المذكور بالرشا في الأحكام وغيرها حتى قال كثير من أهله لقد زال العناء عن أهالي القطر إلا نحن فإنا لم نر شيئا من أثر ذلك لإغضاء الوزير خير الدين النظر عنه لمعاضدته إياه ، واستولت بعض حواشيه على الأوقاف ببلد سليمان إلى أن آل أمرها لما كنا شرحنا بعضه ، فإن جامع الحنفية والمدرسة ببلد سليمان لم يكتف فيهما بأخذ دخل الوقف وإهمال الموقوف عليه حتى خرب وتعطل جريان الشعائر ، بل نقل منهما مهمات من الرخام وغيره إلى دار المتولي ، كما أقيمت في ذلك حجج من أهالي البلد وقدموها إلى جمعية الأوقاف وجرى على الأهالي من المتاعب ما بلغ إلى قتل النفس كما ذكروا ذلك في قتل حميده بايوض أحد أهل الحاضرة الذي انتقل بالسكنى إلى هناك وذهب دمه هدرا وسودت في موته رقعة على أنه مات حتف أنفه تبرئة عند الحكومة رسما من دمه ، وشدد على الأعيان من أهل الحاضرة وغيرهم في خلاص قانون الزيتون الذي كان مرتبا على الوطن القبلي الذي مر ذكره وتحملوا من مباشري الخلاص إهانات لم تعهد لهم ، حتى أن بعضهم كان جالسا بحانوت أحد أصحابه في العطارين فجاء المستخلص وألزمه بالخلاص حالا مع أن العسر عمومي فضلا عن كون الرجل لم يكن