حسنها في القطر يعتنون بتربيتها وتهذيب أخلاقها كي تصير مساعدة للفارس في جميع أغراضه ، ثم إن الأهالي ينقسمون إلى ثمانية أقسام :
فالأوّل : الأصليون من البربر. والثاني العرب : وهم الذين قدموا عند الفتح ثم بعده على أجيال عديدة. والثالث الأندلسيون : وهم الذين قدموا عند تغلب الإسبنيول على بلادهم. والرابع الترك : وهم الذين وردوا عند الإستيلاء على تونس ثم من ورد منهم بعد ذلك. والخامس السودان : وهم الذين جلبوا من دواخل أفريقية لبيعهم. والسادس الجزائريون : الذين رحلوا بعد استيلاء الفرنسيس على الجزائر ، والسابع اليهود : وهم قدماء في السكنى ، والثامن : الوافدون من أوروبا.
فالأقسام الستة الأول تخالط نسلهم ولم يبق تمييز بينهم إلا قليلا من البربر في جهات الأعراض لا زالوا يستعملون لغتهم ، وكذلك قليل من السودان متميزون بلونهم وقليل من أهل الجزائر يتميزون بمجرد نحلتهم وانتمائهم واللون الغالب على الجميع هو لون البياض المشوب بسمرة ومنظرهم جميل يكثر فيهم الحسن وهم أقوياء سليمون أهل مروءة وتواضع وبشاشة وحسن معاشرة.
مطلب في التجارة :
اعلم أن أغلب الأهالي تقاصروا في هذا الميدان ، وقصارى الأمر أنهم يتجرون في البضائع التي تنفق في البلاد الإسلامية بإخراجها إليها ، ويجلب ما يروج من بضائعها في القطر ، مع أن أغلب الخارج منه والمجلوب إليه من بلاد أوروبا وكله منحصر في الأوروباويين إلا نادرا من الأهالي ، ثم أن قيمة التجارة بين الداخل والخارج لا يتجاوز معدلها الأربعين مليون فرنكا في السنة.
فأما البضائع الخارجة فهي : الحبوب من قمح وشعير وفول وغيرها ، وكذلك الزيت والصوف الساذجة والمنسوجة والقطن والإسفنج ، وبيض السمك ولحم نوع منه ومنسوجات الحرير والقطن والشاشية وأشياء أخر زهيدة.
وأما البضائع الداخلة فهي كثيرة فمنها : المنسوجات القطنية والحريرية والصوفية ، وأنواع الأخشاب والحديد والقرميد والسكر والقهوة وأواني النحاس وغير ذلك ، مما هو محتاج إليه في الحضارة ولا وجود له ، من نتائج البلاد. وحمل السلع إلى خارج القطر في السفن البحرية وقد أرسى بأعظم مراسي القطر وهو حلق الوادي في سنة ١٢٩٥ ه مايتان وسبعة وخمسون باخرة وأربعمائة وثمانون سفينة شراعية كلها للأجانب إلا عددا يسيرا ، وأغلب الأجانب رواجا في التجارة هي التجارة الفرنساوية والطليانية.
وأما حمل السلع في البر فهو على ظهور الإبل والخيل والبغال والحمير والعجلات المسماة بالكرطونات ، وواسطة المواصلة هم فرق من تجار القطر يسمون بالحمارة تكون لهم دواب وافية ويكونون ذوي عرض وأمان تسلم إليهم التجار البضائع وهم يبلغونها إلى