للفرنساويين أيضا بالحاضرة يسميان مكتبا الفرير تلامذتهما نحو أربعمائة ، وكذلك مكتب للطليان به نحو مائتي تلميذ ، وكذلك مكتب لجمعية اليهود به نحو تسعمائة تلميذ ، كلها تعلم مبادىء الرياضيات واللغة الفرنساوية والطليانية والعربية ، ويعلم بعضا من الصنائع كشيء من الفلاحة والموسيقى ، ويعلم اللغة العبرانية وكلها تعلم الأغنياء بالمال وبعضها يعلم الفقراء مجانا ، كما يوجد فيها مكتب للبرتستنت من الإنكليزية نحو مائتي تلميذ ، كما يوجد بالحاضرة نحو مائة وإحدى عشر مكتبا للقرآن العظيم وللكتابة العربية نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة تلميذ.
وأما جهات القطر فلا يوجد إلا في قليل من البلدان شيء من العلوم الدينية كالفقه والعقائد على قلة والنحو ، وأشهر البلدان بذلك القيروان وصفاقس والمستير وسوسة وجربة والأعراض والكاف وباجة وابن زرت ، وبعضها يزيد بشيء من الأدب والحديث ، كما يوجد في بعض زوايا الصالحين بالقبائل شيء من القراءة والكتابة والفقه ، وجميع الجهات إنما يقرأ فيها الفقه المالكي إلا المهدية والمستير فيوجد أحيانا الفقه الحنفي ، أما غير ذلك فلا نعم توجد مكاتب للقرآن ومبادىء الكتابة العربية في جميع البلدان والقرى بحيث لا تخلو قرية عن ذلك فضلا عن بلد ، ويقرب جميع تلامذتها بنحو إثني عشر ألف تلميذ لكن هيئة التعليم قاصرة للغاية في هاته المكاتب الإبتدائية ولو في الحاضرة بحيث يمكن أن يبقى التلميذ فيها عشرة سنين ولا يحصل على حسن القراءة والكتابة وإنما النجيب منهم يخرج حافظا للقرآن المجيد فقط ، وأما بقية التعاليم المار ذكرها فهي جيدة سيما العلوم الدينية بجامع الزيتونة نتجت منه فحول تزين المسلمين ، ولهم براعة في كل الفنون سيما الإنشاء بالعربية الذي كاد أن يشبه أسلوب الأعجام في عدة جهات ، فإن علماء تونس لهم براعة في ذلك وهم محافظون على الأسلوب العربي ومحترزون عن اللحن وإن وجد في الكتبة أو الشهود من يلحن فذاك من تقليد الوظيف لغير المستحق ، كما أن أصحاب الأقلام أو الشهود مطلقا محافظون على الشعائر الدينية في كتابتهم بحيث يفتتحون كتبهم بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله ومن ولاه.
مطلب في الصنائع
أهم صنائع الأهالي هي الفلاحة وما زالت آلاتها على الطرز القديم ويأخذونها عن بعضهم بالمشاهدة مع أنها فيها كتب عديدة بخزائن الكتب لا يلتفت إليها أحد ، ولذلك انحطت رتبة هذه الصناعة عما كانت وقل العمران مع انضمام أسباب سياسية كما تقدم شرحه ، وصناعة التلقيح في الأشجار لا يعلمها إلا قليل ولذلك حصل الأروباويون على تقدم عظيم في القطر في هاته الصناعة ولو في زرع الحبوب ، وكانوا فيها أكثر ربحا من الأهالي. وكذلك من أعظم مكاسب أهل القطر زيت الزيتون فأما جمعه واستخراج زيته فهو بيد الأهالي ثم يبيعونه إما للأهالي أو للتجار الأجانب ، وأما التجارة فيه لخارج القطر فهي