حرمة الغيبة أو السماع لآلات اللهو؟ أجاب عنه : بأن لا مقايسة بين الأمرين فإن الغيبة محرمة بإجماع بخلاف سماع آلات الطرب فإنه مختلف فيه وللمقلد سعة بالتمسك بقول أحد المجتهدين.
ثم توجد بقية الصنائع الضرورية ، كالبقالين والجزارين والقصابين والفحامين والحلاقين وغيرها ، بحيث يقال إن أغلب الصنائع الحاجية معروفة ولكنها غير موفية بالإستغناء عن جلب المصنوعات من خارج القطر ، بحيث من نظر إلى لباس أهل المدن ومسكنهم وفرشهم يجد أغلبها من مصنوعات الأجانب وذلك موجب لفقر المملكة ، وأما خارج الحاضرة فالمدن يوجد فيها ما يقرب مما تقدم بأقل بدرجات إلا بعض صنائع فلها فيها التقدم على الحاضرة ، فمن ذلك منسوجات الفرش في الجريد ، فإن ما يصنع منه في طوزر هو من أرفع ما يوجد في العالم ، وكذلك يصنع في جربة ، ولها نوع يسمى بالسوسني من الصوف والحرير صفيق من أرفع المنسوجات ، وكذلك يصنع في القيروان الأواني النحاس ، وفي نابل أنواع من الطين الرفيع المرغوب في كثير من الجهات ، وكذلك يصنع في الكاف نوع من البرنس رفيع ، وأما أهل البوادي فلا يعرفون إلا صناعة الفلاحة المتداولة والرعي للحيوان والفروسية والصيد ، ولأهل جبل باجة وماطر معرفة بصناعة البارود ، وسائر القبائل تعرف نساءهم صناعة نسج الصوف لفرشهم ولباسهم ونسج بيوت الخيام من شعر المعز والإبل والعدل ، كما أن لبعضهم إتقانا في صناعة البسط من الصوف كقبائل دريد وجلاص ، ومثلهم القيروان ولخصوص أهل الجريد إتقان كلي في الأردية التي تتردى بها الرجال من الحرير والصوف.
مطلب في المساكن والطرقات
الحاضرة ذات بطحاوات وطرق صناعية محصبة أو محجرة بحجارة منحوتة لا تعب فيها على الماشي ولا الراكب حسنة المنظر ، ولقليل من طرقها المتسعة أشجار يمينا وشمالا ، وجميع البناآت من حجر مبني بطين الرمل والجير وتارة يبنى بالآجر والقرميد وهو أقل من الأول وتارة يعوض الطين بالجص وهو أيضا أقل. ثم إن دورها إما ذات طبقة واحدة أو طبقتين وقليل ما يزيد على ذلك ، وصورة الداران تدخل من الباب الذي على الطريق فتجد محلا مسقفا إن كان كبيرا سمي ذريبة أي دهليزا وإلا سمي سقيفة ، ثم آخر أصغر منه ثم وسط الدار ، والأغلب أن تكون الأبواب المدخول منها إليه غير متقابلة لكي لا يكون مكشوفا لمن بالسقيفة وهو محل مربع الشكل مكشوف إلى السماء وبه أبواب وشبابيك إلى البيوت وهو مفروش الأرض إما بالرخام أي المرمر الأبيض أو الكذال ، والجميع على شكل مربع متقن الإثبات في الأرض حتى يصير كأنه قطعة واحدة مخطط في المنظر بخطوط الحدود ، وحيوطه مكسوّة بالزليز إما إلى نهايتها وأما إلى النصف ، والنصف الأعلى مطلي بالجص الأبيض وبه نقش حديدة ، ونهاية الحيطان عليها قرميد أخضر ،