بحيث لهم من كل أحسنه سيما الأعيان ، والغالب في البلد وأعرابها وسائر بلدانها هو طعام الكسكوس أو العصيدة ، وتزيد البلدان بالشكشوكة : طعام من زيت وقديد وبصل وطماطم وفلفل ، وأغلب السكان يأكلون الطعام الحريف المسمى عندهم بالحار من الفلفل ويكثرون من الأبزار إلا البوادي فأغلب طعامهم بسيط من دقيق القمح أو الشعير أو الذرة واللبن واللحم المشوي ، وفي ولائم الأعراس بالحواضر يكثرون أنواع الحلويات. وهيئة الأكل عموما هي الجلوس على الأرض أما على متكاآت أو بسط أو حصير ويوضع الطعام جملة ويأكلون من إناء واحد ثم غيره وهكذا ، والغالب طعام واحد ، وأهل البلدان يصنعون مائدة يوضع الطعام عليها وهي من خشب مدورة ارتفاعها عن الأرض نحو شبر وبعضهم يجعل عليها أو على كرسي مثلها طبق من النحاس ، وفي بعض الأعيان ومتوظفي الحكومة صارت هيئة الأكل كما هي عند الإفرنج وبعضهم صيرها بين بين بحيث يؤكل من إناء واحد لكن بالشوكات والسكاكين ، والخبز له أنواع : ففي العربان إما أن يكون منضجا في فرن يسمى الطابونة وهو حسن جدا سيما السميذ منه ، وإما أن يكون العجين غير مخمر ويشوى في إناء من الطين وهو رديء لقلة نضجه وعدم تخميره وكلا النوعين موجود في البلدان إلا الحواضر فيوجد الأول بقلة عند الأعيان على وجه التفكه. والخبز الغالب في المدن هو خبز مرتفع صغير قليل النضج مخمر لذيذ ينضج في الفرن المعتاد ونوع آخر كبير وهو الذي يصنع في الديار أنضج من الأول ، والأول لا يأكله إلا من لا عائلة له أو الفقراء ذوو العيال.
وأما خصوص الحاضرة ففيها إثنا عشر نوعا من الخبز كلها جيدة سليمة ناضجة على النحو الذي يعرف في المشرق بالإفرنجي ، وعادة الجميع في الطبخ أن النسوة هن المكلفات به ويطبخن في اليوم مرتين فطورا وهو عند الزوال وعشاء وهو بعد الغروب ، كما توجد مطابخ في الأسواق يطبخ بها الرجال لمن لا عائلة له أو داره بعيدة عن محل صناعته وأغلب طبخها رديء إلا قليلا ، ومن طعام السوق الجيد القليل النظير بريك البيض فيشتريه حتى الأعيان في ديارهم للذة أكله ، والغالب أن الأهالي زمن الصيف يدخرون مؤنة السنة من الكسكسو ونوع مثله يسمى المحمص والقديد والإبزار. وأما الحطب فإنما يخزن في أواخر الشتاء عند تنقية شجر الزيتون لأنه هو أغلب الحطب ، والفحم لا يطبخ به إلا قليلا ، وبقية المأكولات تشترى يوميا كاللحم والخضراوات ومنها شهريا أو أسبوعيا كالزيت والسكر والقهوة.
مطلب في الأعراس والمواكب
أول المواكب في عيد الأضحى والفطر وقد مر كيفية التعييد على الوالي ، وأما الأهالي فيتزاورون لبعضهم أربعة أيام ويحصل من ذلك تعب كثير سيما إذا لم يجد الزائر المزور فإنه يعود إليه ولو مرارا ، ويعطى للزائر قهوة والأقارب يعطى لهم أنواع من