الحلويات ، وفي جميع المواكب التحية بالتقبيل فالعظماء بتقبيل أكفهم ثم من دونهم بتقبيل المرافق ثم المتساويان في الأكتاف وقليلا في الأفواء وبعض الأعراب يقبل كل يد صاحبه وتارة رأسه ، وكذلك يحصل موكب في المولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام على نحو ما مر تفصيله في الكلام على السياسة. وأما بقية المواسم فلا موكب فيها وإنما فيها الصدقات والقراآت والتوسع على العيال ، وفي عاشوراء تطلق النيران والبارود اعتقادا أنها من تفريح الصبيان وكأنها نغزة باقية من آثار الخوارج الذين كانوا بالقطر ، وفي رمضان تتأنق أهل الحواضر سيما القاعدة في الأكل وكل يدعو أحباءه للعشاء عنده ولا أقل أن يتعشى ولو إنسان واحد مع صاحب الدار ويصرفون في ذلك زيادة على العادة. وأما الختان فإنهم يجعلون له وليمة مثل العرس وسيأتي بيانها وفي هذا زيادة ، وهي : أن الطفل المختون يؤتى به قبل الختن من مكتبه وهو لابس لأجمل لباسه الذي كثيرا ما يكون مقصبا بالفضة أو مطرزا بطراز السراجين ومعه تلاميذ المكتب بملابس جميلة أو نظيفة ، ويرفع رجل على رأس المختون لوحا مزوّقا ويطوفون في حوالي حارتهم وأمامهم أو خلفهم فرقة من الرجال يذكرون قصائد في مدح النبي صلىاللهعليهوسلم وتجيبهم التلامذة ببيت القصيد على ألحان جيدة رافعين أصواتهم إلى أن يصلوا إلى دار المختون ، فيقدم لهم موائد من الحلويات ثم يختن الولد أحد الحلاقين المجاز لهم في ذلك بمقص من حديد ثم يوضع في فراشه المرونق ثم يهدى إليه من أقاربه وأوداء أبيه أما مال أو مصوغ ، وأعلى الهدية قدر أربعمائة ريال فما دون وقد قلت هاته العادة فصار الختان أكثره مخفيا بدون هدية ولا غيرها ويتناقلون في إخفائه روايات منها قولهم : «أعلنوا النكاح وأخفوا الختان» ولم توجد في كتب الصحيح ولم نر نصا لأصحابنا في المسألة سوى أني رأيت في الأحياء للغزالي الذي هو شافعي أنه عد في أنواع السماع الجائز : «السماع عند الختان وعند حفظ القرآن» (١) الخ فهو دال على أن إشهار الختان غير منهي عنه كما أنه غير مندوب لقوله : «وهو أي السماع مباح إن كان ذلك السرور مباحا كالغناء في العيد وفي العرس وفي وقت قدوم الغائب وفي وقت الوليمة والعقيقة وعند ولادة المولود وعند ختانه الخ فهو دال على عدم النهي عن إشهاره فقط.
__________________
(١) انظر احياء علوم الدين ٢ / ٢٤٤ «بيان الدليل على إباحة السماع» وفيه قوله : السماع في أوقات السرور تأكيدا للسرور وتهيجا له وهو مباح إن كان ذلك السرور مباحا كالغناء في أيام العيد وفي العرس وفي وقت قدوم الغائب وفي وقت الوليمة والعقيقة وعند ولادة المولود وعند ختانه وعند حفظه القرآن العزيز وكل ذلك مباح لأجل إظهار السرور به. ووجه جوازه أن من الألحان ما يثير الفرح والسرور والطرب فكل ما جاز السرور به جاز إثارة السرور فيه ، ويدل على هذا من النقل إنشاد النساء على السطوح بالدف والألحان عند قدوم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم :
طلع البدر علينا |
|
من ثنيات الوداع |
وجب الشكر علينا |
|
ما دعا لله داع |
وهو سرور محمود فإظهاره بالشعر والنغمات والرقص والحركات أيضا محمود.