المحرمة لابتداعها فضلا عن ما تشتمل عليه من الأفعال المحرمة لذاتها إلا ما كان منها مشروعا كالغسل والكفن والصلاة والدفن وإهداء الأكل لأهل الميت أيام موته لا في السادس وما بعده ، وما أحق ذلك الموطن باتباع الشرع إذ هو واجب في كل حال فضلا عن حال هو أول درجة من درجات الآخرة ، ومن ملحقات ذلك البناء لذات القبر وبناء القباب والرخام والإسرافات في المقابر وهي أغلبها خارج البلدان إلا قليلا في الحاضرة ، وهاتيك البدع قليلة في قبائل العربان لكن فيهم النائحات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
مطلب في اللغة
لغة جميع أهل القطر هي العربية وهم أفصح من رأيت على العموم بالنطق بجميع الأحرف العربية إلا القاف فيبدلها غير الحواضر بكاف أعجمية وقد ورد أنها لغة ويستند بعضهم حتى إلى حديث لكنه مروي مناما ومن المعلوم أن مثل ذلك لا يبنى عليه حكم ، ثم اللسان وإن كان عربيا فقد أدخلت فيه كلمات كثيرة بربرية أو أعجمية.
فمنها ما كان من أصل لغة السكان البربر كلفظ كشطة أي عمامة وتوأي الآن وللالأي سيده ، ولا زالت لغتهم في جهات جبال ورغمة من الأعراض وجربة مستعملة فيما بينهم.
ومنها ما كان من لغة الطليان كألفاظ فينوأى جيد ومركانتي أي تاجر كبير وكارته أي ورق اللعب.
ومنها ما كان من لغة الترك كقولهم هم كذا وهم كذا وقولهم في النسبة قهواجي وبلغاجي وحمامجي إلى غير ذلك.
ومنها تحريف للإختصار كقولهم ما نحبش أصلها ما نحب شيئا ولهذا كثر استعمال الشين في لسانهم حتى كاد أن تكون عندهم كشكة مع أنهم يبتدؤن بالساكن ، والحاصل أن لسانهم عربي محرف ، وفي الحواضر لا يذكر الإنسان غيره إلا بزيادة لفظ سي فيقول سي فلان وكأنها مختصرة من سيدي ، ثم في المكاتبات الناس على ثلاث درجات فيكتب الأكفاء لبعضهم سيدي فلان ومن كان دونه بيسير يكتب له السيد فلان ثم الأسفل يكتب له سي فلان ، وأما إذا كان خادمه أو تابعه فيكتب إبننا أو ولدنا فلان وهي إصطلاح خطاب الوالي في جميع مكاتباته إلا للعلماء فيكتب الشيخ سي فلان ، ثم إن اللقب لا بد منه في الكتابة بحيث لا تجد إنسانا بدون لقب والشهود يزيدون في كتابتهم الكنية لكن بالكنية العامة مثلا كل من إسمه علي يكنى أبا الحسن وهكذا.
وأما البوادي وغالب القرى فمخاطباتهم وكتابتهم من دون تسييد ولا لقب وإنما ينسبون إلى الآباء فيقال فلان بن فلان وأغلب البلدان لهم نحلة في لغتهم يكاد الماهر أن يعلم بها المتكلم من أي بلدة ، والغريب أن ذلك كائن ولو مع تقارب البلدان فإن أريانة التي لا تبعد عن الحاضرة أربعة أميال لغة أهلها فيها نحلة بعيدة عن لغة أهل الحاضرة بل