لتجارة محتاج إليها له خاصة أو له ولغيره فهو مع كونه مباحا لا يسقط العدالة أيضا بل له الأجر الأخروي إذا صحح النية وأخلصها التي هي أساس العبادة ، وقد علم مما مر أن شرط الجواز هو الأمن وهذا الشرط لا يختص بأرض غير الإسلام بل هو شرط أيضا في أي أرض كانت كما في حواشي الشيخ ميارة (١) على لامية الزقاق (٢) حيث قال أثناء الكلام على الإمامة ما مفاده : «إن الإنسان إن لم يستطع كف الظلم والمعاصي تجب عليه الهجرة». فإذا كانت تجب الهجرة منها فكيف يجوز الإقدام على الدخول إليها والله تعالى يقول : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥]. ثم أن الأمن يعلم حصوله وعدمه من الباب الآتي إذ أهل الأرض الآن مختلفوا الصفات والأحوال.
الفصل الثاني
في تطبيق الحكم على سفر العبد الضعيف إلى ممالك أوروبا : سيعلم من المقصد الوجه الحامل لي على السفر إلى ممالك أوروبا وهو إما التداوي بعد العجز عن علاج المرض في بلادنا أو مصلحة أو ضرورة وكل الوجوه الثلاثة مما يسوغ السفر بلا سقوط العدالة ، وإذا اعتبرنا ما حصل من ثمراته وأقله الحمل على جمع هاته الخلاصة فإني أرجو من كرم الله تعالى أن يعفو عن زلاتي ويعاملني بمحض جوده وفضله سيما والبلاد التي قصدناها من بلاد الأجانب هي تامّة الأمن كما يعلم من الباب الآتي.
__________________
(١) هو محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله ميّارة. (٩٩٩ ـ ١٠٧٢ ه) فقيه مالكي. الأعلام ٦ / ١١ ومعجم المطبوعات (١٨٢١).
(٢) هو علي بن القاسم بن محمد التجيبي أبو الحسن المعروف بالزقاق فقيه مالكي كان مشاركا في علوم الدين والعربية توفي بفاس سنة (٩١٢ ه). الأعلام ٤ / ٣٢٠ شجرة النور الزكية ١ / ٢٧٤.