الباب الثالث
في تقسيم أحوال أهل الأرض الآن
وفيه سبعة وثمانون فصلا
اعلم أن الله جلت قدرته قد قسم الخلائق في هاته الأرض وخالف بين عوائدهم واصطلاحاتهم ولغاتهم وإن اتحد الجميع في أصول الاحتياجات كالطعام والملبس والوازع ، وقد قرب الجغرافيون سكان كرة الأرض من اثنتي عشرة مائة مليون إلى ثلاثة عشرة مائة مليون ، وقسموا الأرض إلى أقسام خمسة وهي آسيا ، وأوروبا ، وأفريقيا ، وأمريكا ، وأستراليا ، وهي أقسام اعتبارية إذ الأرض واحدة وما فيها متقارب متماثل.
القسم الأوّل آسيا
اعلم أن القسم الأقدم عمرانا والأكثر سكانا والأشرف معنى لما حواه من كونه مصدرا للديانات الإلهية ودارا للرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام ، ومنبع سطوع النور العظيم الحاوي للذات الشريفة المحمدية عليها أفضل الصلاة وأزكى التحية هو قسم آسيا الشامل لمكة والمدينة والقدس ، وهو يحده شرقا خليج برنغ والمحيط الشرقي ، وجنوبا المحيط الهندي وخليج فارس والبحر الأحمر ، وغربا البحر الأحمر والبحر الأبيض وبحر مرمرا والبحر الأسود ونهر دون وجبال أورال ، وشمالا المتجمد الشمالي وهذا القسم يشتمل على عشرين مملكة.
الفصل الأول
في المملكة العثمانية
اعلم أن أعظم الممالك الإسلامية في هذا القسم هو المملكة العثمانية لاستيلائها على أغلب الممالك الإسلامية التي كانت تقسمت واتحادها تحت سلطنتها ولاشتمالها على الحرمين الشريفين ، ولأن سلطانها هو صاحب الحرمين الشريفين ولامتدادها على ممالك وسيعة إسلامية في أفريقية ، كما أن لها في أوروبا ممالك واسعة فتألف من المجموع مملكة عظيمة تختها القسطنطينية ، وتسمى فاروقا لفرقها بين أرض آسيا وأرض أوروبا ولفرقها بين البحر الأبيض والبحر الأسود ، فكان لها بهذا الموقع عظيم الإعتبار ، وسكان هاته القاعدة زهاء مليون ونصف ، وأقسام هاته المملكة هي الأناضولي وفيه آسيا الصغرى والشام والعراق وديار بكر وأرمينية والجزيرة والحجاز واليمن ، ولها في أوروبا قسم الروملي ولها فيه ولايات ممتازة وهي إيالة البلغار والروملي الشرقية وفيه جزائر البحر الأبيض التي منها ما