له امتياز كجزيرة كريدوسيواس ، ولها في أفريقيا ممالك أيضا وهي طرابلس ومصر وتونس ، وهاتان الأخيرتان لهما امتيازات خاصة في الإدارة.
وتشتمل المملكة الآن في الأقسام الثلاثة من الأرض على نحو اثنين وعشرين مليونا عدا الممالك التي لها امتيازات ، فإذا انضم ذلك كان الجميع يناهز الأربعين مليونا ، والذي يخص قسم آسيا فقط من السكان نحو ستة عشر مليونا ، وقد ابتدأ تأليف هاته المملكة من سنة (٦٩٩) تحت سلطنة السلطان عثمان في أرمينية ولا زالت تعظم إلى أن بلغت نهاية السطوة على جميع ممالك المعمورة ، ثم ابتدأت الروسيا في حروبها وتداخلت الدول الأوروباوية تارة بالدفاع عنها وأخرى للربح منها ، ولا زالت بين الدول لها اعتبار وحكومتها شوروية في الرسم ، لكنها الآن تحت الحكم العرفي.
ولم تزل سلاطينها يحضون على الأمن في جميع أنحاء المملكة وفي جميع أنواع السكان الذين أغلبهم مسلمون ، وهم نحو ستة عشر مليونا ، وباقيهم أغلبهم نصارى على مذاهب شتى ، والباقي من ديانات مختلفة. ولزيادة توطيد الأمن وإجراء العدل أسس المقدس السلطان عبد المجيد التنظيمات الخيرية في سنة (١٢٥٧ ه) ، ثم أكدها ولده السلطان المعظم عبد الحميد بالقانون الأساسي الذي أصدره في سنة ١٢٩٣ ه وفقه الله لما يرضاه ، وبقية التفاصيل المتعلقة بهذه المملكة تأتي إن شاء الله تعالى في المقصد ، وقوّتها المالية والحربية تأتي في آخر المقدمة في جدول قوات الدول بحول الله وإرادته.
الفصل الثاني
المملكة الثانية هي مملكة فارس
وهي مملكة إسلامية قاعدتها إيران وعدد سكانها من الخمسة ملايين إلى سبعة ما بين سنية وشيعية ، ولها تقدّم في الحضارة وبعض رجال دولتها مهذبون لهم معارف كافية في السياسة ، ورئيس الدولة يلقب بالشاه وهو الآن الشاه ناصر الدين من آل البيت المطهر ، وقد التفت إلى الإصلاحات التي يقتضيها الحال لما شاهده في أوروبا وغيرها عند أسفاره لها منذ استدعته الدولة النمساوية في سنة ١٢٩٠ ه للحضور للمعرض الذي فتحته فأجاب دعوتها ، كما أجاب السلطان عبد العزيز العثماني دعوة دولة فرانسا لمعرضها في سنة ١٢٨٧ ه ، والشاه المشار إليه زار في سفرته المذكورة الدولة العلية ، فإنه بعد أن وصل إلى لندره على طريق الروسيا وألمانيا ، رجع على طريق فرانسا ثم النمسا المدعو إليها ، ومن هناك توجه للآستانة.
ولما علم السلطان بقصده لزيارته أرسل له باخرة جليلة سلطانية لركوبه وجفنين مدرعين يحفانه ، وأرسل له فيها وزير البحر فركب الشاه الباخرة من إحدى فرض إيطاليا بعد زيارته لملكها ، فوصل إلى جناق قلعة في يوم الأحد (٢٢) من جمادى الثانية سنة (١٢٩٠ ه) فأطلقت له المدافع من القلعة واصطفت له العساكر واقتبله هناك الصدر رشيد باشا في باخرة سلطانية ومعه سفير الشاه في الأستانة ووالي جزائر البحر الأبيض ، وفي يوم