وسع البشر تداركها كفيضان الأنهر وسقوط الجدران وما شاكل ذلك ، ويعاقبون عليه بالعزل ولهم صحيفة رسمية قديمة قبل أن تعرف الصحف في أوروبا بقرون ، ولها نحو ستين صحيفة تنشرها يوميا ولا تحتوي إلا على الحوادث الخاصة بدولتهم وتصرفاتها ، وحيث كانت الكتابة عندهم صعبة جدّا لأنها فيها علامات عوضا عن الحروف ، منها أصلية ومنها فرعية تدل على الكلمات فكانت نحو ألفين وخمسمائة علامة وهي المستعملة الآن.
أما العلامات القديمة التي لم يبق استعمالها إلا نادرا فهي نحو أربعة وأربعين ألفا وأربعمائة وتسعة وأربعين شكلا ، فلذلك كانت معرفة الكتابة عندهم قليلة جدا. وقد تعارفوا صناعة الطبع قبل معرفتها في أوروبا بكثير ، وهي على غير الصورة المعروفة الآن ، فإنهم كانوا ينقشون الكتابة في ألواح بحيث تكون على عدد صفحات الكتاب الذي يريدون طبعه ، وإن شئت قلت ينسخون الكتاب أو الكتابة بالنقش في ألواح ويطبعون بها ما شاؤوا ثم يدخرونها إلى وقت الحاجة فيعيدون الطبع متى أرادوا.
وأما الغناء في المملكة فهو كثير لكثرة موارد الثروة وكثرة السكان ، ومع ذلك هو بالنسبة لغنى الممالك المتمدنة ذات الصنائع المخترعة قليل نظرا لعظم المملكة وما فيها ، وقد تقدّم ما في عزم دولتها وما شرعت فيه من القوّة الحربية.
وأما القوّة المالية فهي غير معروفة لاختلاف أنواع الأداء وتفرّقه على أنواع المتوظفين كل منهم له كيفية في الإستخلاص على وظيفته من الأهالي.
الفصل الثاني عشر
المملكة الثانية عشر مملكة الروسيا في آسيا
هاته المملكة تبتدىء من الشمال الأقصى من القارة ثم تنعطف مع حدود الصين الغربية وتصل إلى مملكة إيران من شماليها وإلى المملكة العثمانية من شرقيها ، فهي متسعة جدّا ولا تزال تتوسع في الممالك الصغيرة بأواسط آسيا حيث تفرّقوا شيعا فصارت تتغلب عليهم بتسليط بعضهم على بعض وانتصارها لبعضهم حتى تبتلعهم شيئا فشيئا بحيث لم يبق منهم إلا القليل كما سيأتي الكلام عليه بعد ، وحكمها في هاته المملكة سيبين في الكلام على هاته الدولة في ممالك أوروبا وكذلك بقية التصرفات السياسية.
وإنما نقول هنا أن فيها قسما يسمى سيبيريا هو شمالي الصين في نهاية شدة البرد ، وهو قليل السكان والحيوانات إلا بعض الحيوانات المتجلدة على البرد كالدب الأبيض والذئب الكبير ، وقد اطلع علماء الطبيعة على أن تلك الجهة كانت عامرة بأنواع من الحيوانات التي تألف الجهات الحارة كالفيل وبعض أنواع من الحيوانات فقدت الآن ، مثل حيوان أكبر من الفيل ويشبهه في الخلقة وله شعر صلب مستطيل يمتدّ من مبتدأ رأسه إلى مغرس ذيله يكون مرتفعا مفرزا عن بقية شعر بدنه ، وله أنياب طوال متجاوزة لشفتيه مثل