دائما أناس رسميون ليقدموا تعظيمات الوالي وخضوعه لأعتاب السلطنة ، وليقبلوا أيضا الإذن اللازم من الباب العالي لأمور عظيمة في الولاية. ثم إن الباشا الموجود الآن والأهالي التونسيون طلبوا زيادة في التفضل وأعطي ذلك لحضرته السامية بالفرمان المؤرخ في سنة ١٨٧١ وتعرف به جميع الدول والآن قد استغاث الوالي بجهده سيده الحقي ليعينه على الحالة الرديئة التي وقعت فيها تونس الآن.
وهاته الأشياء التحقيقية لا ينكرها أحد فهل تريدون أن تعرفوا الآن تقريرها بالتاريخ وبالمكاتبات الرسمية هو سهل ، لكن نقتصر على المهم منها لئلا يطول الكلام في هذا التلغراف ففي المعاهدات القديمة التي بين تركيا وفرنسا تعدد ألقاب الحضرة السلطانية ويكون منها لقب سلطان تونس ، فانظر مثلا معاهدة ١٠ صفر سنة ١٠٨٤ ه ١٦٦٨ م ، وفي هاته المعاهدات أيضا يوجد بأن كل المعاهدات التي بين الدولتين تجري أيضا في تونس ، وفي نصف القرن السابع عشر أي في ١٥ صفر سنة ١١٦٦ أرسل السلطان فرمانا للباي والحاكم الكبير بالولاية في رضاء الباب العالي بأن قنسل فرنسا يجمع خدمات قناسل الدول الذين لم يكن لهم إذ ذاك نواب بالقسطنطينية كالبرتغال وكتالوني وإسبانيا وفينيسيا وفرينسا وغيرهم ، والقنسل وكالته هي حماية السفن تحت الراية الفرنساوية في المراسي المشهورة بالولاية ، والفرمان يمنع تداخل قناسل الإنكليز والهولنديز وغيرهم من التداخل في خدمة نائب فرنسا وذلك سند منع التعدي بين الباب العالي والنمسا المؤرخ في ٩ رمضان سنة ١١٩٧ ه المتقرر بمعاهدة «ستوفا» في ١٢ ربيع الآخر سنة ١٢٠٥ ه فإنه يأذن حكام الجزائر وتونس وطرابلس الغرب ، بأن يحموا على إسم السلطان السفن المتجرية لسلطنة الرومان الفخيمة ، وأيضا فإن الإتفاق الذي تقدم هذا السند وتمم في ١٥ شوال سنة ١١٦١ ه بالإذن من السلطان وكان هذا الإتفاق وقع بين الحكام المذكورين والسلطنة المذكورة ، فإن الوالي العام بتونس وهو إذ ذاك في رتبة بكلربيك ونال إسم على باشا ، يذكر في مقدمة كل مكتوب ممضي عليه منه هاته الكلمات بعينها وهي : «مولانا لسلطان الغازي محمود».
وعلى ذكر واقعات ذاك الزمان استطرد لكم الإذن الصادر من الباب العالي في ١٥ ربيع الأول سنة ١٢٤٥ ه ١٨٢٧ م لحكام الجزائر وتونس وطرابلس الغرب فإنه يأمرهم أن لا يتداخلوا في الخلاف الواقع بين سلطنة النمسا ومملكة المغرب ، وكذلك الإذن الصادر من القسطنطينية لوالي تونس في ١٤ صفر سنة ١٢٤٧ ه ١٨٣٠ م فإنه يأمر بترتيب العسكر النظامي بالولاية على نمط الترتيب العسكري النظامي العثماني ، وأيضا قد أتى مكتوب معين بالطاعة من الباشا التونسي لجلالة السلطان في سنة ١٨٦٠ وذلك الباشا هو الذي سماه السلطان واليا عاما وقد انتشر هذا المكتوب في جميع صحف أوروبا من غير أن يعارض ولا من جهة واحدة ، ونزيدكم شيئا آخر وهو أنه في سنة ١٨٦٣ في واقعة القرض التونسي الذي وقع في باريس من غير رضاء الباب العالي كان مسيو «دواروان