دولويس» وزير خارجية الإمبراطور نابليون الثالث ، قد أعلن رأيه بناء على شكايات الدولة العثمانية وقال : إنه يلزم إما الباشا بتونس أو الصراف الذي يريد عقد القرض معه أن يطلب رضاء الباب العالي ليصح هذا القرض ، وللمدافعة عن حقوق الباب العالي فإن الوزير الفرنساوي أرسل يقول هذا الكلام للصراف المشار إليه ، وها نحن نضع بثبات الكلام السابق لدى ميزان العدل والحق الذي للدول الممضين على معاهدة برلين ، وإنا لمتحققون بأن فكر الدول محيط بدلائل كثيرة في الواجبات العمومية التي يقتضيها المؤتمر المحترم وأنهم يريدون أن يفصلوا بالعدل قولنا الذي قدمناه ، وأنهم يتحفظون على حقوق الباب العالي الأخرى المحفوظة بالمعاهدة المذكورة ويصلحون الحال بين الدولتين فرنسا وتركيا في علائقهما التي لهما في هاته الولاية المرؤف بها التونسية المتممة للسلطنة العثمانية والمرغوب من جنابكم أن تتكلم مع وزير الخارجية في مضمون هذا التلغراف وتشرح له ما تراه نافعا ، ولكم الإذن بأن تعطوا نسخة من هذا لجناب الوزير إذا طلبكم ا ه الإمضاء مصطفى عاصم.
ومن تأمل هذه اللائحة مع ما قررناه في سياسة تونس الخارجية ومقاصد فرنسا فيها لا يشك في أن فرنسا لم تكن تنازع قط في أن تونس من ممالك الدولة العثمانية وإنما غاية دعواها هو أن تلك الإيالة لها امتيازات جارية تحافظ هي عليها لأجل منافعها ، ويصدق ذلك تصريح وزير فرنسا ، «دواروان دولويس» في مجمع فيينا أثر حرب القريم ، لما سأل وزير الروسيا عن تعيين الممالك العثمانية للجهل ببعضها ومثل بتونس وأنه يتراءى فيها نزاع ، فأجابه الوزير الفرنساوي : بأن لا شك ولا نزاع في كون تونس من الممالك العثمانية وإن كانت لها امتيازات تخصها ، وكذلك المعاهدات المعقودة بين فرنسا وتونس حتى التي وقعت بعد الإستيلاء على الجزائر بمدّة طويلة يصرح فيها بأن سائر المعاهدات المعقودة مع الدولة العثمانية تكون مرعية الإجراء في تونس ، ولا يعزب عن عاقل أن ذلك التصريح لاتحاد تونس بالممالك العثمانية. ومع هذا كله لم يفد استصراخ الدول لأن فرنسا لم تعلن بعملها إلا بعد أن لمست أفكار أغلب الدول الكبيرة فوجدتهم غير معارضين إليها لأن دولة إنكلترة متول زمامها حزب الإطلاق الذي لا يرى نفع دولته في المحافظة على الدولة العثمانية بعد أن طال تجريبهم لها في الحث على الجريان على مقتضى نصائحهم ، ولكنهم لم يروا العمل ودونك ما نشر في الكتاب «الأزرق» من المخاطبات التي وقعت من الحضرة السلطانية ورئيس وزرائها ومع سفير إنكلترة بالأستانة حسبما أخبر بها وزيره بعدة تلغرافات تنبىء بما تقدم.
فمنها تلغراف من موسيو «غوشن» سفير انكلتره إلى وزير خارجيتها بتاريخ ١٩ نيسان سنة ١٨٨١ هاته ترجمته : إني وجدت جلالته أي السلطان مشغول الفكر بهذه الأفعال وبناء على ما عندي من الاذن ، أعلنت له بأن الدولة الإنكليزية تريد بقاء الحالة الموجودة في تونس والنائب الإنكليزي بتونس له الإذن ليرشد الباي إذا استشاره بأن يعين فرنسا في تقرير