راحة الحدود ، وإني أرجو أن جلالته يشير على الباي أيضا بذلك فالسلطان سكت بعض دقائق ثم ظهر على وجهه الغضب ، وقال : إنه فهم من كلامي أن الدولة البريطانية تريد بقاء الحالة على ما هي عليه في تونس ولها نفع في ذلك ، وفهم أيضا أنا أشرنا على محمد الصادق بأن يعين العساكر الفرنساوية ، فنبهت عظمته بأني ما قلت أن الدولة الإنكليزية تنتفع بإبقاء الحالة الموجودة ، ولكنها تظهر تمني ذلك فقط على هذه الكيفية ونحن نتأسف كثيرا من فتح مسألة جديدة في الشرق ، وإنا لا نفتكر أنه توجد فوائد خصوصية لانكلترة مربوطة بأي كيفية كانت في أحوال تونس ، فعند هذا أجاب السلطان : بأنه لم ير كيف يجمع بين رجائنا في إبقاء حالة تونس على ما هي عليه ، ومع ذلك نشير على الباي بأن يعين العساكر الفرنساوية فهذان الشيئان لا يتوافقان ، لأنه على رأيه يكون دخول العساكر الفرنساوية إلى تونس ناقضا للحالة الموجودة.
وفي تلغراف آخر من موسيو «غوشن» أيضا يقول فيه : إن الجلسة التي وقعت بيني وبين باش وكيل ، كان يطلب فيها صحبة إنكلتره وقال : إن الدولة الإنكليزية تقدر أن تعمل مع الدولة العثمانية المعروف وأن الباب العثماني يكون ممنونا إذا كانت إنكلترة تريد أن تفعل معه ذلك ، فقلت له : إن ما كنت قلته لكم قد وقع والذي كنت تقوله دائما هو أنه يأتي زمن تكون فيه تركيا متذكرة بأن صحبة إنكلترة لها لازمة ، وقد تكلم على الحاجة الأكيدة الآن وتكلم أيضا على رد مودة إنكلترة ، فتبعته وقلت ما هو دليل المودة الذي أظهرته تركيا لإنكلترة منذ بعض سنين؟ وفي أي وقت اتبعتم إشاراتنا؟ وفي أي وقت قبلت استشاراتنا النافعة للسلطنة التركية؟ نعم إن الترك قد عملوا غاية جهدهم ليتركوا المودة التي في رأي العموم في إنكلتره ورجوعها الآن ليس بسهل ، فحضرته العلية أجابت بأن جميع الأشياء الآن تتغير من غير أن يظهر على وجهه الغضب من الكلام الذي قلته له قصدا واستمر في طلبه الإعانة ، وأنا شرحت له بأن نازلة تونس مثل النوازل الأخر الشرقية ولا تقدر إنكلتره على إتمامها وحدها ، ومع هذا فليس لنا فائدة خصوصية وسياستنا متمسكة بالموافقة الأروباوية ولا دولة تريد قيام عسر جديد قبل أن تتم الاعسار القديمة ، وكل دولة تكون حازمة إذا كانت تفتش كل واسطة لحصر النازلة التونسية في حدود ضيقة أقل ما يمكن ، لئلا تقوم نازلة تدخل فيها الدول برأي مختلف فجنابه العالي يقدر يفهم من جملة كلامي بأن ليس لي إذن لتقرر الرجاء بأن تكون الدول العظام الأروباوية يظهرون أنفسهم مختلفين على نازلة مخلبطة بين الباب العثماني وتونس ، والطلب الخصوصي من إنكلتره ليس بموافق لحالة الباب العثماني منذ بعض سنين مع الدولة المشار إليها ، فهذا الخطاب كاف في بيان الحال مع إنكلتره وهي وإن أظهر بعض أهل شوراها التنديد على سياستها وطلب المحافظة على تونس وإبقائها للدولة العثمانية ، وبين ما ينشأ لإنكلتره من المضرة عند استيلاء فرنسا على مرسى ابن زرت وعلى قربها من خليج السويس ورجحان كفتها في البحر الأبيض ، لكنه لم ينفذ كلامه حيث كان من حزب المحافظين الذي هو مغلوب حينئذ ، واحتجت عليه