الحارة المنسوبة إليه المسماة بالإسماعيلية هي على نحو الطرق الأوروباوية اتساعا واستقامة وهاته الحارة كلها محدثة ملحقة بمصر ، ومن محاسن القاهرة حديقة الأزبكية الجميلة الأنيقة المحاطة بسياج من قضبان الحديد الجميلة وبها أبواب من كل الجهات على الطرقات الرسمية كل يوم عشية لكنها لا يحضرها غالبا إلا الإفرنج ، وقصور الخديوي وأقاربه وحواشيه مالئة الحارات الجديدة مبهجة لها برونقها وأهمها قصر عابدين ، أما القصور التي له حول القاهرة فهي كثيرة مضاهية أو فائقة على قصور ملوك أوروبا وجمعت بين ما للأوروباويين من التحسين وما للمشرقيين من التزويق والإسراف لكل منها حدائق وعيون وحيوانات غريبة ، ومن هاته بستان شوبرة وقصره ذو البركة الرحيبة الذي أنشأه محمد علي بعيدا عن القاهرة نحو ثلاثة أميال ، وله طريق جميل هو منتدى أهل التمشي والتنزه بعجلاتهم وخيلهم لما له من البهجة بالأشجار العظيمة ومن ورائها البساتين والقصور المؤنقة لأهل الترف والبذخة من الأوروباويين والأمراء والوزراء وعلى جانبه ترعة من النيل ، وهكذا حارات الإفرنج والحارات الجديدة في تأنيق البناء والقصور وبهرجتها من الظاهر فضلا عن الداخل ، لكن ديار الأهالي ليس منظرها من الخارج مما يسر النظر.
أما ما اشتملت عليه القاهرة من المقامات والأماكن المعظمة فأولها مقام سيدنا الحسين رضياللهعنه وأرضاه ، وذلك أنه بعد الشنيعة الشنعاء بكر بلاء أيام يزيد (١) سنة ٦١ ه حمل الرأس الشريف المكرم ويقال أنه دفن بعسقلان (٢) إلى أن نقله الملك الصالح طلائع بن رزيك (٣) وزير الفاطمية سنة ٥٤٨ ه إلى القاهرة في موكب عظيم ودفن بالمقام المشار إليه ، ثم عملت عليه المقصورة من النحاس الموجودة الآن سنة ١١٧٥ ه وبني حوله المسجد الرحيب ، وقد تشرفت بزيارة هذا المقام الشريف وصليت الجمعة وغيرها في
__________________
ـ القاهرة. وهو أول من أطلق عليه لقب «الخديوية» من رجال أسرته. عزل سنة (١٢٩٦ ه). توفي في الاستانة. ونقلت جثته إلى القاهرة. الأعلام ١ / ٣٠٨. النخبة الدرية (٣٠).
(١) هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي (٢٥ ـ ٦٤ ه). ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام. ولد بالماطرون. وفي أيامه كانت فاجعة المسلمين بالسبط الشهيد «الحسين بن علي» سنة (٦١ ه). توفي بحوارين (من أرض مصر). الأعلام ٨ / ١٨٩ تاريخ الطبري حوادث سنة (٦٤ ه). رغبة الآمل ٤ / ٨٣ ٨٤ وجمهرة الأنساب (١٠٣).
(٢) عسقلان : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ثم قاف وآخره نون. وهي مدينة بالشام من أعمال فلسطين ، ويقال لها عروس الشام. أنظر معجم البلدان ٤ / ١٢٢ مادة (عسقلان).
(٣) هو طلائع بن رزّيك ، (٤٩٥ ـ ٥٥٦ ه) الملقب بالملك الصالح ، أبي الغارات. وزير عصامي يعد من الملوك. دخل القاهرة بالقوة واستمر في الوزارة فكرهت عمة العاضد استيلاءه على أمور الدولة وأموالها ، فأكمنت له جماعة من السودان في دهليز القصر فقتلوه وهو خارج من مجلس العاضد. الأعلام ٣ / ٢٢٨ وفيات الأعيان ١ / ٢٣٨ مرآة الزمان ٨ / ٢٣٧.