وأيضا قد وجد اعتناء بأنواع من الصنائع سيما التي تمس إليها حاجة الحكومة فتقدم فيها الأهالي كصناعة الأسلحة والبواخر ، وتوجد معامل للحكومة منها نحو عشرين للسكر متقنة ، ومعمل آخر لسبك أحرف الطبع وتجليد الكتب ومعمل للسلاح وآخر للسفن وحوض لها وآخر للجوخ وآخر للدبغ وآخر للورق وكلها على النحو الأوروباوي المتقن ، ويمكن أن تقوم بنفسها من الأهالي حتى في صنع المدافع والبنادق من الطرز الجديد ، وللأهالي أيضا عدة معامل في صنوف شتى وأما الجهات السودانية فكثير من أراضيها وإن كانت صالحة للزراعة لكنهم جاهلون بها ، فلا يوجد منها إلا القليل حول المدن واشتغالهم إنما هو برعي الغنم والخيل والإبل وصيد الوحوش النافعة للتجارة كسن الفيل وريش النعام وجلد الأسد والنمر ، وتحصيل الذهب من معدنه الملقى بالطبع كالتبر من سنار والصحراء وغيرها.
مطلب في المعارف بمصر
العلوم الشرعية كلها نافقة في القاهرة وكفى بالجامع الأزهر مدرسة للعلوم عامة ، فقد دخلت إليه ووجدته يزار ويموج بالدروس والتلامذة ولهم طريقة حسنة في سرعة ختم الكتب إقراء بحيث أن كل كتاب لهم فيه مدة معينة لا يسوغ مجاوزتها ولا يخرجون في التقرير عن الشارح والحاشية المعينة للقراءة ووجدت عندهم اعتناء في الإقراء بالحواشي بحيث لا يقرأ كتاب بلا حاشية معينة يتفق عليها الشيخ والطلبة ، ولهم إصطلاح في الأوقات للعلوم مثلا الصباح كله إلى الزوال للعلوم النقلية كالفقه والحديث الخ ، والمساء للعلوم العقلية كالنحو والبيان الخ ، ويقرأ فقه المذاهب الأربعة وللأزهر شيخ هو مثل شيخ الإسلام له النظر على سائر العلماء وتوظيفهم وكثير من التلامذة يقيمون بالأزهر في رواقات خاصة ، وتجد صحن المسجد ملآن بالتلامذة المطالعين والحافظين للمتون وغيرها ، وفي كل من الإسكندرية ودمياط وطنطا جوامع حافلة بالعلوم الشرعية ، وفي بعض مدن السودان أيضا مثل سنار وهرر كذلك ، ومن عاداتهم جميعا في الدروس التطويل حتى يبلغ الدرس إلى ثلاث ساعات ولا أقل من ساعة ، ولذلك كان للتلامذة الإطلاق في هيئة الجلوس بل حتى يتكئون على جنبهم ووجوههم ويأكلون وينامون وهم في الدرس.
وأما العلوم الرياضية فلها مدارس عديدة منها للإبتدائيين ومنها للإنتهائيين جامعة لتعلم اللغات كالتركية والفارسية والإنكليزية والفرنساوية ، ولتعلم الطبيعيات والفلاحة والهندسة والحساب والجبر والهيئة والفلك والطب والتشريح العلمي والعملي والكيمياء وتركيب الأدوية وسائر العلوم ومعلموهم من الأجانب والأهالي ، وفي المدارس سائر الآلات والكتب المحتاج إليها ومنها وما هو مجانا ومنها ما هو بالأجر من التلميذ ومنهم المقيم ومنهم المتعلم فقط ، وكذلك المدارس الحربية وهذا كله خاص بالقاهرة وتليها إسكندرية أما بقية البلدان فلا يوجد بها إلا المدارس الإبتدائية في بعض مدن ، والبقية إنما يوجد بها