وآخر للصم البكم يعلمونهم باللمس والأحرف المجسدة والخوارط المجسدة فيصلون إلى سائر المدركات. كما أن في باريس ثمانية خزائن كتب عظيمة للعامة تحوي من المجلدات نحو ثلاثة ملايين مجلدا ، وأكبرها ، خزنة الكتب العمومية التي فيها أول ما عرف من آلة طبع الكتب ، وفيها بعض تحف عتيقة مثل قطع من الشطرنج الذي كان أهداه هارون الرشيد إلى شارلمان ، وجملة ما فيها من الكتب أزيد من مليون مجلد منها أزيد من ثمانين ألف مجلد بخط اليد ، ومن تلك الكتب الكتب التي أخذها نابليون الأول من مصر ثم الكتب المأخوذة من الجزائر ، وقد رأيت فيها كتبا نفيسة عربية ومصاحف كريمة أنيقة ذات أسفار بقطع من الذهب وخطوط جميلة ، وكان فيها من المطالعين والناسخين نحو خمسمائة نفس نساء ورجالا لكن الرجال أكثر على غاية من الأدب والصمت ، وهاته الخزنة مثل قصر عظيم ذي طبقات ومحل المطالعة واحد إيوان واسع ثم وراء هاتيك المكاتب والكتب واعتناء الدولة بواعث أخر للإجتهاد والتقدم في العلوم ، وذلك بانعقاد جمعيات للتحريض والإعانة بالمال وسائر الوسائل للوصول إلى المقصود في خصوص باريس.
فمنها : جمعية اللغة الفرنساوية ، وجمعية سائر العلوم ، وجمعية علوم الأدب ، وجمعية المعارف الظريفة ، وجمعية العلوم العقلية ، وجمعية علوم الطب ، وجمعية التحريض على الإختراعات ، وجمعية علم النباتات ، وجمعية علم طبقات الأرض ، وجمعية معارف آسيا ، وجمعية الإحصاآت الدنيوية ، وجمعية الجغرافيا ، وجمعية علم التاريخ ، وجمعية المرحمة الإنسانية ، وجمعية الصيدلة ، وجمعية الفلاحة ، وجمعية مقدمات الفلاحة ، وجمعية تربية النبات والحيوان ، وجمعية الصنائع الفرنساوية ، وجمعية لتنمية سائر العلوم.
ومما يلحق بهذا الباب كثرة المطابع فمن أعظمها : مطبعة الدولة ورأيت فيها من أنواع أحرف اللغات التي يطبع بها سبعة أنواع ، منها : الأحرف العربية وعدد المستخدمين بها يقرب من ألف نسمة وفيها كتب عتيقة وحديثة في كثير من اللغات ، ومنها : كتب غريبة عتيقة بالخط الكوفي وغيره ، ومن المطابع المهمة المطبعة المختصة بطرق الحديد لطبع إعلاناتها ودفاترها وجميع ما تحتاج إليه ، فيها من المستخدمين أزيد من سبعمائة نسمة وتطبع بالحروف وعلى الحجر بخط اليد ، وهناك مطابع أخر كثيرة للصحف وغيرها فإن الصحف لها تأثير كبير في المعارف حتى أنه يوجد ثلاثمائة صحيفة بين يومية وشهرية وأسبوعية في السياسة أو التجارة أو العلوم ، ومنها ما يطبع منه يوميا أزيد من خمسمائة ألف نسخة وفي بعض الأحيان لا تجد منه نسخة للبيع إذ قل أن تجد سائق الكروسة ليس له صحيفة يطالعها فضلا عن غيره.
وأما أماكن المرحمة كالمستشفيات وديار اللقيطين فهي كثيرة ويكفي لعظمتها ما ذكرناه في المستشفى الذي نظارته إلى الحكيم «شاركو» واللقيط ينفق على تربيته وتعليمه