التي قام بها ويغدق عليه من إنعاماته ، فشد الرحال إلى دار السعادة من طريق البر ، فمر بحلب فحل ضيفا عند والد المترجم عبد الرحمن آغا المشهور بالسياف ، وكان له منزل عظيم واسع في حي الفرافرة يؤمه الكبراء والعظماء الذين يمرون من الشهباء ، وكان سمح اليد رحب الصدر ، فصادف أثناء وجود أحمد باشا الجزار عنده أنه رزق غلاما ، فجاءه البشير بذلك وهو يسمر مع الباشا ، فأظهر الباشا سروره وهنأه واقترح عليه أن يسمي هذا الغلام (أحمد) ويلقبه (بالجزار) تذكارا لضيافته ، فعمل عبد الرحمن آغا بمقتضى إشارة ضيفه الكريم ، ومنذ ترعرع كان والده وأهله يدعونه بالجزار ، فصار لقبا له ولعقبه من بعده إلى الآن.
تلقى المترجم مبادىء العلوم على أفاضل عصره ، ثم وجه عنايته إلى العلوم الروحانية وعلوم الهيئة والفلك ، فمهر بها وصار من النابغين المشار إليهم فيها ، ولصرف عنايته إلى هذه الفنون اقتنى واستنسخ كتبا كثيرة فيها ، فصار لديه منها ومن غيرها كتب قيمة نادرة المثال ، واعتنى أيضا بشراء الآلات الفلكية فحصل على نفائس منها آل الجميع إلى ولده محمود أفندي الجزار الذي تلقى عنه هذه العلوم وشارك فيها مشاركة حسنة كما سنذكره في ترجمته إن شاء تعالى.
وكان شيخنا الشيخ أحمد المكتبي يثني على علم المترجم وفضله ، ويشهد له بالتفوق ورسوخ القدم في العلوم التي ذكرناها ، وكان يقول : إنه لم يكن له نظير في هذه البلاد ، وحصل منه عدة وقائع تدل على تضلعه في العلوم الروحانية والزايرجة يتحدث بها إلى الآن ويطول الشرح لو ذكرناها.
ووجدت عند بعض أحفاده مجموعة بخطه فيها جداول كثيرة لمعرفة التاريخ العربي والمسيحي والإسرائيلي ، ومسائل كثيرة تتعلق بعلم الأفلاك وبروجها ودلالات الكواكب على البلدان وسرعة دوران السيارات فيها إلى غير ذلك من الفوائد التي يعرف بها طول البلاد وعرضها ، وهي جديرة بالنشر ، وبعض هذه المجموعة بخط ولده الموما إليه.
وهناك مجموعة أخرى له أيضا قال في أولها : وبعد فهذا زيح العسيني نبغ في عصرنا نزهة زمانه هو الرصد الجديد المرصود في باريس. وقد اقتطف من أصل نسخته الكبيرة الحجم بعض العلماء تقويم النيرين والخمسة المتحيرة والاجتماع والاستقبال ، وترجمه من