وقد جمع الأديب البارع قسطاكي أفندي الحمصي ما وجده من آثاره الأدبية في كتاب دعاه «السحر الحلال في شعر الدلال» وصفناه في المشرق (٦ : ٨٩٥) واقتطفنا بعض جناه ، أوله فيه قصائد غراء مدح فيها علية زمانه ، فمن ذلك قصيدة نظمها في ناصر الدين شاه ملك إيران في جملتها في مدح السلم والعدل :
فالسلم أوفى واقيا |
|
ولثروة البلدان أوفر |
والعدل إن عم المما |
|
لك شاد علياها وعمّر |
والباقيات الصالحات على |
|
مرور الدهر تذكر |
ومن طيب نثره ما روي له هناك من جواب إلى صديق :
كتبت أعزك الله وقد وصلني طرسك الذي فاق الدر النضيد ببهجته ، وأزرى على رخيم الثغر بلهجته ، وإني لأحق بابتدائك بما ابتدأتني به من الصلة تفضلا ، ولكن قدر لك عليّ السبق وأن تكون في كل شيء أولا ، فلساني عاطر بشكرك ، وقلبي عامر بذكرك ، غبت أو حضرت ، سرت أو أقمت ، فو الله لم أذكر أيام اللقاء ولذتها إلا وطارت نفسي شعاعا ، ولا تخيلت ساعات الوداع وكربتها إلا وزادني الشوق التياعا ... فإن تأملت قصر مدة ألفتنا هاج بي الشوق آلاما ، وإن تذكرت صميم صحبتنا زادني التذكار هياما ، وإذا فكرت في فرقتنا قلت ما كان اللقاء إلا مناما. ا ه.
ومن بديع نثره كتاب أرسله إلى الطبيب بكري أفندي زبيدة يعزيه فيه بوفاة والدته ، وقد رأيته عند حفيده بخطه وهو :
كتبت أطال الله بقاء مولاي ولي فؤاد منشغل لبلبالك ، وخاطر كدر لاضطراب بالك ، وقد بلغني الآن (وأن الآن) الخبر الذي تعثرت فيه الألسن بالأفواه ، وأربدّت الوجوه وتطبت الجباه ، وهو وفاة سيدة العقائل ، وكريمة الأوصاف والشمائل ، حضرة والدتكم تغمدها الله برحمته ورضوانه ، وأسكنها فسيح جنانه ، وبوّأ روحها أعلى عليين ، وهيّأ ذاتها بهيئة الحور العين ، وأعانكم على تجشم فقدها بالصبر الجميل إن الله مع الصابرين ، وعظم لكم به الأجر الجزيل وثواب المحسنين ، وهي والله أعز فقيد لخير فاقد فاق أدبا وفضلا وعلما.