وإن لم تكن بنتا لأكرم والد |
|
كفاها افتخارا أن تكون لكم أما (١) |
جعل الله هذه النازلة آخر المصائب ، وخاتمة النوائب ، ولا أذاقكم بعدها ما يدعو إلى لوعة وتعذيب ، ولا أراع لكم فؤادا على فقد حبيب. وإني لأقول عنكم للدهر وقد تيتمتم (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) وعن دمعكم (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) فكفكف فديتك ماء العيون وقل (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) وحيث لا مرد لقضاء الله فلا حول ولا قوة إلا بالله.
كن المعزي لا المعزى به |
|
إن كان لابد من الواجد |
ا ه أقول : إن قصيدة (العرش والهيكل) التي تقدمت الإشارة إليها هي التي ساقت المترجم إلى حتفه ، وأصلها لشاعر فرنسا (فولتير) أبي الثورة الفرنسوية المشهورة ، ترجمها المترجم نظما ، وقد ذكرها بتمامها عطا بك حسني في كتابه «خواطر في الإسلام» ص (٨٨) وقال ثمة إنه اتصلت به هذه القصيدة مطبوعة في باريس بمطبعة حجرية بتاريخ سنة (١٨٦٤ م) ورأيت من الفائدة أن أعلق عليها الهوامش اللازمة لإيضاح ما يصعب فهمه من مغامزها ، ومطلعها :
عسرت لك الأيام في تجريبها |
|
وسرت بك الأوهام إذ تجري بها |
ومضت أويقات الهنا وتلاعبت |
|
أيدي سبا ببعيدها وقريبها |
فإلام تعرض ناسيا ذكر البلى |
|
وعلام تغريك الحياة بطيبها |
واللمة الشمطاء تنذر بالفنا |
|
وتشيب صفو صفائنا بمشيبها |
ولى الشباب وأخلقت أثوابه |
|
وأحسرتي لنضيرها وقشيبها |
وهي في ١٥٢ بيتا ، وذيّلها عطا بك بقوله : إن المترجم بعد أن بقي ثلاثين عاما في باريس رجع إلى وطنه حلب فوشى به القسيسون إلى الحكومة بأنه من أنصار الحرية مستشهدين بهذه القصيدة ، فأخذ الرجل وسجن ، وما زال سجينا إلى أن مات في سجنه شهيد الحرية.
__________________
(١) هذا المعنى من قول أبي الطيب المتنبي في رثاء جدته :
ولو لم تكوني بنت أكرم والد |
|
لكان أباك الضخم كونك لي أمّا |