الهمايوني مجلس للمذاكرة في شروط الهدنة ، ثم عقد الصلح. حصل ذلك وكل من أدرنة ويانية وأشقودرة لم تسقط ، وكانت هذا البلاد تذب عن حياضها وتدافع دفاع الأبطال في سبيل الشرف العسكري وحب الأوطان.
وكان القائد في أدرنة شكري باشا ، وفي يانية وهيب باشا ، وفي أشقودرة أسعد باشا وحسن رضا باشا ، وكان هذان يقدمان الذخائر وسائر اللوازم ، وكانت القلاع والحصون هي التي تحارب وتدافع ، وكان القائد فيها والمدافع عنها هو المترجم (محمود كامل باشا).
وفي أثناء ذلك عقد الصدر الأعظم كامل باشا ووزير الحربية ناظم باشا الهدنة وشرعا في المذاكرة مع قواد جيوش الأعداء ، وكاد يتم الصلح على أسوأ الشروط ، ففاجأهم حضور أنور باشا من طرابلس الغرب ، وكان إذ ذاك برتبة (قائمقام) ، ولما حضر اجتمع بنبهاء الضباط والأمراء ، وتجمهر قسم من الضباط والأهالي وذهبوا إلى الباب العالي وعلى رأسهم أنور باشا ، وكان مجلس الوكلاء منعقدا ، فأراد أنور باشا الدخول فمنعته القوة المحافظة الواقفة أمام الباب ، فدخله عنوة مع بعض من معه ، ولما صعدوا إلى فوق ومشوا خطوات رأوا ناظم باشا ومعه مرافقه وفي أيديهما المسدسات ، فبادرهما أنور باشا ومن معه وأطلقوا عليهما الرصاص ، فوقعا صريعين. ثم دخل أنور باشا إلى قاعة المجلس فانهزم قسم من الوزراء وقسم اختبأ في بعض الغرف. وكان كامل باشا الصدر يرتجف خوفا وجزعا ، فكلفه أن يستقيل ، فأجابه للحال. وعقب ذلك عين محمود شوكت باشا لمنصبي الصدارة ونظارة الحربية وأعطي رتبة مشير.
ولما استلم محمود شوكت باشا زمام الصدارة والنظارة ابتدأ بشروط الصلح من جهة ، وبتنظيم الجيش وإصلاح ما طرأ عليه من الخلل وبحشد الجنود من جهة أخرى. ولما كانت الشروط المعروضة من قبل الأعداء مجحفة ردت ولم تقبل ، وجيوش الأعداء واقفة في جتالجة أمام الآستانة.
حصلت هذه الحوادث الهامة في هذه المدة والبلاد الثلاثة أدرنة ويانية وأشقودرة تدافع ولم تسكت فيها أصوات المدافع. وبعد أشهر سقطت أدرنة ، ثم تلتها يانية ، وظلت أشقودرة تقاوم أحسن المقاومة. وكانت صحف العالم تتعجب من المقاومة التي أبدتها ، وكان المهاجمون لقلاعها هم عساكر الصرب والجبل الأسود ، وتقدر عساكر الصرب