الجيوش وتعبئتها مع بقائه في وظيفته الأصلية وهي المستشارية ، ثم نقل إلى قيادة المعسكر في أنقرة ، وصار يجهز الجيوش فيها ويدربها على النظام العسكري.
وكان الوالي فيها إذ ذاك مظهر بك الذي كان واليا في حلب في زمن الدستور ، وكان هذا من أخص أصحابه ، فكان يبذل له كل معاونة. ثم عين على الفيلق الخامس فيلق إزمير ، ثم أمر بالعودة إلى الآستانة ليستلم وظيفته الأصلية ويدير شؤونها وينوب عن ناظر الحربية أثناء غيبوبته وسفره إلى أنحاء المملكة لتفقده شؤون الجيوش والحركات الحربية.
وفي بداية الأمر دارت رحى الحرب على أحسن وجه وأتم نظام ، وكانت الانتصارات للدولة الألمانية ومن كان معها من الدولة العثمانية ، غير أنه لما طال أمد الحرب بدت علائم الضعف والتشتت في الجيوش العثمانية بسبب قلة الذخائر والملابس وصعوبة نقل المهمات والمعدات الحربية لعدم انتظام الطرقات وعدم وجود السكك الحديدية الكافية في البلاد العثمانية ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى صارت الأصابع الأجنبية تلعب ببعض أركان الجيش وضباطه القليلي الإدراك الفاقدي الشرف الضعيفي الدين والوطنية ، وبزوا لبعضهم الأصفر الوهاج الذي تحنى أمامه الرؤوس وتصغر عند رؤيته صغار النفوس.
فكان هؤلاء في ذلك كالباحثين عن حتفهم بظلفهم والساعين بأرجلهم عمدا نحو مصرعهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
وكانت أهم جبهة من جبهات الحرب جبهة (جناق قلعة) وجبهة (القفقاس) ، أما الأولى فلقربها من العاصمة كانت الذخائر الحربية والمؤن وسائر أسباب الدفاع متوفرة لديها. وأما الثانية فكانت بعيدة عن العاصمة ومسالكها وعرة وبردها قارص والمواصلات فيها متعسرة جدا وغير مأمونة القوافل بسبب مرورها على أقوام من الأرمن والأروام ، فكانت كثيرا ما تضرب القوافل وتذبح محافظيها وتسلب منهم المؤن والمهمات الحربية. وتعدد وقوع هذه الحوادث ووصلت إلى درجة لا تطاق ولا يمكن تحملها ، فكانت من جملة الأسباب التي دعت الباب العالي أن يقرر على جلاء الأرمن والأروام من قلب الأناضول في ذلك الحين.
وصادف أن أنور باشا ذهب إلى هذه الجبهة للتفتيش ، وكان القائد العام لها حسن عزة بن علي باشا القائد العام الشهير في حلب. وعقب وصوله إليها أمر القائد بالزحف